على الاثنين؟
ومنها : أنّ قوله : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) لا يُمكن حمله على العموم ، ولا بدّ من كون القول مرادا به ، وإذا وجب ذلك فلا يجوز أن يراد به الفعل.
وهذا إنّما يعتمده من ذهب إلى أنّ العبارة الواحدة لا يراد بها المعنيان المختلفان ، وقد بيّنا أنّ الصّحيح خلاف ذلك ، فالمعتمد إذا ما قدّمناه.
ويجري مجرى ذلك أيضا أن يقال : إنّ التّحذير من المخالفة يقتضي وجوب الموافقة ، والموافقة له عليهالسلام في الفعل تقتضي أن يفعل الفعل على الوجه الّذي فعل ـ على ما قدّمنا القول فيه ـ وذلك يبطل كون أفعاله كلّها على الوجوب.
واستدلّوا أيضا : بقوله تعالى : (فَاتَّبِعُوهُ)(١) ، فإنّه أمرنا باتّباعه ، وأمره تعالى على الوجوب ، فيجب كون اتّباعه في أفعاله واجبا.
فهذا يبطل ما قدّمناه من تفسير الاتّباع ، لأنّه قد بيّنا أنّ المتّبع له إنّما يكون متّبعا إذا فعله على الوجه الّذي فعله ، ومتى فعله على غير ذلك الوجه لا يكون متّبعا بل يكون مخالفا ، ويجري ذلك مجرى أن يفعل فعلا آخر ، لأنّ اختلاف الوجهين في الفعل الواحد يجري مجرى الفعلين (٢).
وقد قال قوم في الجواب عن ذلك : إنّ المتّبع فيه محذوف ذكره ، لأنّه لا يصحّ اتّباعه في أشياء مختلفة.
وهذا ليس بصحيح ، لأنّ لقائل أن يقول : إنّ الظاهر يقتضي وجوب اتّباعه في كلّما يصحّ أن يتّبع فيه.
واستدلّوا أيضا بقوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(٣) ، وأنّه إذا جعله أسوة لزمنا التّأسّي به ، سيّما وقد قال في سياق الآية : (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا
__________________
(١) سبأ : ٢٠.
(٢) فعلين.
(٣) الأحزاب : ٢١.