لإحالة القول في ذلك. وقد وضع قولنا «النكاح» للوطء حقيقة وللعقد (١) مجازا ، وإرادة أحدهما لا تمنع من إرادة الآخر ، فلا مانع من أن يراد جميعا بالنكاح (٢).
فإن قيل : الّذي يمنع من ذلك أنه لا يجوز استعمال العبارة فيما وضعت له والعدول بها عما وضعت له في اللغة ، فلذلك منعت من أن يراد جميعا بها ، لأن ذلك يتنافى استعمالها (في ما وضعت له) (٣).
قيل له : إن العبارة تستعمل فيما وضعت له إذا قصد بها إفادة ذلك ، وإن لم يقصد المعبر إلى (٤) أن يستعملها فيما وضعت له.
فإن قيل : فإن إرادة الوطء والعقد بهذه الكلمة يتعذر ، ونجد تعذر ذلك من أنفسنا ، فلذلك منعت من أن يراد جميعا بها! قيل له : إن ما ادعيت تعذره نحن نجده منا مأتيا فلا معنى لتعلقك به.
هذه ألفاظه بعينها قد سقناها على ما ذكرها في كتاب (٥) «العمد» (٦).
وهذا المذهب (٧) أقرب إلى الصواب من مذهب أبي عبد الله (٨) ، وأبي هاشم (٩) ، وما ذكره سديد واقع موقعه.
والقول في الكناية والصريح يجري أيضا على هذا المنهاج.
وقوله : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ)(١٠) ما كان يمتنع أن يريد به الجماع واللمس باليد ،
__________________
(١) العقد.
(٢) في الأصل : بالكلام.
(٣) الزيادة من النسخة الثانية.
(٤) على.
(٥) كتابه.
(٦) انظر التعليقة رقم (٢) صفحة ٥٠٢.
(٧) أي القول بالجواز العقلي ، أو به وبالجواز اللغوي أقرب إلى الصواب.
(٨) الشيخ أبو عبد الله الحسين بن علي البصري.
(٩) هو أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي.
(١٠) النساء : ٤٣.