بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وحده ، والصَّلاة على خير خلقه ، محمّد وآله الطيبين.
قد سألتم أيّدكم الله إملاء مختصر في أصول الفقه ، يحيط بجميع أبوابه على وجه الاختصار والإيجاز (١) ، على ما تقتضيه مذاهبنا ، وتوجبه أصولنا ، فانّ من صنّف في هذا الباب سلك كلّ قوم منهم المسالك التي اقتضاها (٢) أصولهم ، ولم يصنف أحد (٣) من أصحابنا في هذا المعنى ، إلا ما ذكره شيخنا أبو عبد الله رحمهالله (٤) في المختصر الّذي له في أصول
__________________
(١) على سبيل الإيجاز والاختصار.
(٢) المسلك الّذي اقتضاه.
(٣) ولم يعهد لأحد.
(٤) هو الشيخ المفيد ، أبو عبد الله ، محمد بن محمد بن النعمان ، العكبري ، البغدادي. يعد أعظم متكلمي الإمامية. ولد عام ٣٣٦ ه [أو ٣٣٨] بعكبرى ، وعاش ببغداد ، وحضر دروس أعلامها ، كانت له مجالس درس ونظر ، فربى جماعة من الأعلام أمثال الشريفين الرضي ، والمرتضى ، والطوسي ، وغيرهم. مدحه المترجمون له ، فقال عنه ابن أبي طي الحلبي في تاريخه : (هو شيخ مشايخ الطائفة ، ولسان الإمامية ، ورئيس الكلام والفقه والجدل ، وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية ، وكان كثير الصدقات ، عظيم الخشوع ، كثير الصلاة والصوم ، خشن اللباس ، وكان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد ، عاش ستا وسبعين سنة ، وله أكثر من مائتي مصنف) توفي في رمضان عام ٤١٣ ه وشيعه ما يزيد على مائة ألف ودفن بمقابر قريش ، وفي ذكراه الألفية أقيم مؤتمر عالمي في مدينة قم شارك فيه وفود خمسون دولة وطبعت كتبه ورسائله في ١٤ مجلد. وقد صدرت عند دراسته مفصلة باللغة الإنكليزية وهي كتاب :
(نظريات علم الكلام عند الشيخ المفيدThe Theology Of AL ـ Shaik ـ AL ـ Mufid) حيث نال بها كاتبها الأب اليسوعي مارتن مكدرموت شهادة الدكتوراه من جامعة شيكاغو ، وقد ترجم الكتاب إلى اللغة العربية