يعبر بها عن عدد قليل لا يوجب خبرهم العلم (١) ، فلو لا أنه يجب العمل بخبرهم لما أوجب عليهم الإنذار ، لأنه لا فائدة فيه (١).
وربما قووا ذلك بأن قالوا : لما أوجب الله تعالى على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الإنذار وجب علينا القبول ، ولو لم يجب علينا القبول لما وجب عليه الإنذار (٢).
وهذه الآية لا دلالة فيها ، لأن الّذي يقتضيه ظاهر الآية وجوب الإنذار على الطائفة ، وليس في وجوب الإنذار عليهم وجوب القبول منهم ، لأنه غير ممتنع (٣)* أن تتعلق المصلحة بوجوب الإنذار عليهم ولا تتعلق بوجوب القبول منهم ، إلا إذا انضاف إليه شيء آخر ، ألا ترى أنه قد يجب التحذير والإنذار من ترك معرفة الله ومعرفة صفاته ، وإن لم يجب القبول من المخبر في ذلك ، بل يجب الرجوع إلى أدلة العقل وما يقتضيه. وكذلك يجب على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الإنذار وإن لم يجب القبول منه إلا إذا دل العلم المعجز على صدقه ، فيجب حينئذ القبول منه.
فكذلك القول في تحذير الطائفة أنه يجب عليهم التحذير ، ويجب على المنذر الرجوع إلى طرق العلم.
وأيضا : يجب على أحد الشاهدين إقامة الشهادة ، ولا يجب على الحاكم تنفيذ الحكم بشهادته ، إلا إذا انضاف إليه من تتكامل الشهادة به ، ثم يعتبر أيضا بعد تكاملهم صفاتهم ، وهل هم عدول أو لا؟ حتى يجب عليه الحكم بشهادتهم.
وكذلك يجب على آحاد المتواترين النقل فيما طريقه العمل ، وإن كان لا
__________________
(١) قال ابن حزم الأندلسي (الأحكام : ١ ـ ١٠٤) : «والطائفة في لغة العرب التي بها خوطبنا يقع على الواحد فصاعدا ، وطائفة من الشيء بمعنى بعضه ، هذا ما لا خلاف فيه بين أهل اللغة» ، ونسب أبو الحسين البصري (المعتمد : ٢ ـ ١١٠) للقاضي عبد الجبار قوله : «والطائفة من الثلاثة واحد أو اثنان» ، وقال الشريف المرتضى في (الذريعة : ٢ ـ ٥٥) «أن اسم الطائفة يقع على الواحد كما يقع على الجماعة». انظر أيضا : «لسان العرب ٨ : ٢٢٣ ، المفردات في غريب القرآن : ٣١١ ، المصباح المنير ٢ : ٣٨١».
(٢) راجع : «التبصرة : ٣٠٤ ، الأحكام ١ : ١٠٣ و ١٠٤ ، المعتمد ٢ : ١١٠ ، شرح اللمع ٢ : ٥٨٨ ، الذريعة ٢ : ٥٥».
(٣) * كما إذا تعلقت المصلحة بالتدريس ولا تتعلق المصلحة بقبول التلميذ قول المدرس بدون دليل.