ما أخبر به زيد إخبار عمرو بالموت وما أخبر به خالد إخبار وليد بذلك وما
أخبر به موسى إخبار عيسى بذلك وهكذا ، فإذا كان المخبر به للطبقة الاولى مختلفا
بهذا الاختلاف لم يحصل العلم بإخبارهم سوى إخبار واحد من أهل الطبقة الثانية من
باب القدر المشترك بين إخبارات أهل الطبقة الاولى المسمّى بالتواتر المعنوي او
التواتر الإجمالي ، ومن المعلوم أنّ العلم بتحقّق إخبار واحد من أهل الطبقة
الثانية بموت بكر لا يفيد العلم بموته عادة فإذا كان هذا حال الطبقة الثانية فكيف
يظنّ بالطبقة الثالثة والرابعة وهكذا ، والحاصل أنّه يلزم تحقّق العلم بتحقق
التواتر في مرتبة جميع الوسائط بين الواقعة وبين من أخبرنا مشافهة بها ، ومن
الواضح أنّ غير أهل الطبقة الأخيرة المشافهين لم يثبت إخبارهم بأمر فهو من اخبار
الآحاد واحدا عن واحد.
قال في المناهج
فإن
قلت : المراد بلوغ
كلّ طبقة حدّا يحصل العلم بقولهم ، فالمناط حصول العلم قلنا : المراد إن كان العلم
الواقعي المانع عادة من النقيض بعد التأمّل وملاحظة الأطراف فحصوله موقوف على ما
ذكرنا ، وإن كان المراد اعتقاد جازم حاصل ابتداء من دون تأمّل ولو ارتفع بعد
ملاحظة الأطراف فلا شكّ أنه ليس بعلم ، وأكثر الأخبار المدّعى تواترها لأجل حصول
العلم من هذا القبيل ، حيث لو تأمّل فيه مع تخلية الذهن عن التقليد يرتفع الوثوق
عنها ـ انتهى ـ وقد بالغ السيّد الأستاد في توضيح الإشكال وتقريبه إلى الاذهان حتّى أنّه ـ دام
بقاه ـ حكم بأن جلّ مباحث هذا الباب بل كلّها الذي أطنب فيها الاصوليّون كلامهم
خال عن الفائدة والثمرة العمليّة ، بعد ما عرفت من أنّ المتواترات الموجودة في
أيادينا غالبا أو جميعا من قبيل هذا القسم الذي ورد عليه الإشكال ، فمدار حجّيتها
حصول العلم الفعلي بعد التأمّل التامّ في الأطراف.
وبالجملة كلّما
حصل القطع كان حجّة من أيّ سبب كان ، وربما يكون بعض هذه
__________________