المكلّف به كما إذا علم بوجوب أحد الأمرين وكانا معا في السابق مباحا مثلا.
وفيه إشكال إذ لو قيل بجريان كلا الاستصحابين إلّا أنّهما متعارضان بواسطة العلم الإجمالي ويتساقطان ، ويراد بكون المورد مجرى الاستصحاب هذا المقدار وإن لم يكن حكم العمل فيه على مقتضى الاستصحاب ، ففيه أنّ نظير ذلك يأتي في البراءة أيضا فيلزم أن يكون مجريها أعمّ من مجرى الاحتياط ، مع أنّهما متقابلان في التقسيم ، كما لو فرض في المثال المذكور عدم العلم بالحالة السّابقة في كلا الأمرين ، فإنّهما معا مجرى للبراءة ، غاية الأمر تعارضهما والتساقط بسبب العلم الإجمالي.
ولو قيل بعدم جريان واحد من الاستصحابين بدعوى أنّ أدلّة حجية الاستصحاب قاصرة الشمول للاستصحابين المتعارضين كما قد يدّعى بمثله في أدلّة حجّية خبر الواحد بالنسبة إلى الخبرين المتعارضين ، ويقال : إنّ المثال للاستصحاب في الشكّ في المكلّف به ليس ما ذكر ، بل المثال ما لو فرض في المثال المذكور كون أحد الأمرين مباحا في السابق دون الآخر ، فالأوّل مجرى الاستصحاب بلا معارض ، ففيه أنّ ذلك أيضا يستلزم أعمّية مجرى البراءة للشكّ في المكلّف به أيضا كما في المثال بعينه ، فإنّه فرض فيه أحد الأمرين غير معلوم الحكم في السابق فهو مورد البراءة. هذا محصّل ما أفاده السيّد الأستاد (١) زيدت بركاته.
أقول : هذا الإشكال إنّما نشأ من انحصار مورد البراءة في الشكّ في التكليف ، مع أنّ المثالين الأخيرين من موارد البراءة وأنّه شكّ في المكلّف به ، فالمناسب أن يورد هذا عليه هناك ويبقى المقام سالما عن الإشكال فتدبّر.
٥ ـ قوله : والثّاني مجرى التخيير (ص ٢).
أقول : الظّاهر أنّه أخطأ في جعل الثاني مجرى التخيير فإنّ مجرى التخيير على
__________________
(١) صاحب العروة الوثقى رحمهالله. ظ.