الحدسيّة إلى ما ذكره لعلّه تخرص على الغيب بل فاسد ، لأنّهم علّلوا مختارهم بغيره ممّا أشرنا إليه فتدبّر.
٢٨٥ ـ قوله : والحاصل أنّه لا ينبغي الإشكال في أنّ الإخبار عن حدس واجتهاد ونظر ... (ص ٧٩)
أقول : الظاهر أنّ الآية دالّة على حجّية خبر العادل تعبّدا ولازمها إلغاء احتمال كونه غير مطابق للواقع من أيّ جهة كان ، لا من جهة خصوص تعمّد الكذب ، كما حقّقه المصنّف ، وما استشهد به على ذلك من قرائن الكلام غير شاهد.
أمّا قضيّة التفصيل بين العادل حين الإخبار والفاسق فهي بمجرّدها لا تصلح لأن تكون قرينة على أنّ المراد إلغاء احتمال تعمّد الكذب في العادل دون الفاسق ، بل ظاهر القضية اعتبار العدالة تعبّدا كما هو كذلك بالنسبة إلى أدلّة اعتبار العدالة في مواردها ، ولا يكون في الآية خصوصيّة في التفصيل لا تكون في غيرها ، وظاهر الكلّ اعتبار العدالة تعبّدا.
وأمّا قضيّة تعليل اختصاص التبيّن بخبر الفاسق بقيام احتمال الوقوع في الندم أيضا لا تكون قرينة على ذلك لأنّا نعلم أنّ التعليل المذكور حكمة غالبيّة لأنّ الغالب في الفاسق عدم تحرزه عن تعمّد الكذب ، ولا يبالى في مقالاته أن تكون مخالفة للواقع ، بخلاف العادل ، فإنّ الغلبة بالنسبة إليه بالعكس ، وهذه حكمة حجّية البيّنة أيضا ، وسيجيء زيادة توضيح لذلك ، بل يمكن أن يقال إنّ التعليل المذكور ظاهر في خلاف ما ذكره ، فهو قرينة على المختار ، إذ الظاهر من الآية بضميمة التعليل طرح قول الفاسق بالمرّة ، فإنّه مظنّة الندم ، والتفحّص عن حقيقة الواقعة من موضع آخر ، حتّى يعلم الحال ، لا التفحّص عن أنّه تعمّد في الكذب أم لا حتّى يكون مفهومه وجوب الحكم بأنّه مساو للعادل بعد تبيّن أنّه ما تعمّد في الكذب.
ثمّ ما ذكره من استقرار بناء العقلاء على عدم الاعتناء إلى الخطأ والسهو لندرته