فعلا على تقدير حرمته واقعا.
وثانيا : سلّمنا التكليف الفعلي بالمحرّمات الواقعيّة إلّا أنّ من المقرّر في الشبهة المحصورة كما سيجيء إن شاء الله أنّه إذا ثبت في الشبهات المحصورة وجوب الاجتناب عن جملة منها لدليل آخر غير التكليف المتعلّق بالمعلوم الإجمالي اقتصر في الاجتناب على ذلك القدر ، لاحتمال كون المعلوم الإجمالي هو هذا المقدار المعلوم حرمته تفصيلا ، فأصالة الحلّ في البعض الآخر غير معارضة بالمثل ، سواء كان ذلك الدليل سابقا على العلم الإجمالي كما إذا علم نجاسة أحد الإناءين تفصيلا فوقع قذرة في أحدهما المجهول ، فإنّه لا يجب الاجتناب عن الآخر لأنّ حرمة أحدهما معلومة تفصيلا أم كان لاحقا كما في مثال الغنم المذكور فإنّ العلم الإجمالي غير ثابت بعد العلم التفصيلي بحرمة بعضها بواسطة وجوب العمل بالبيّنة وسيجيء توضيحه إن شاء الله وما نحن فيه من هذا القبيل ـ انتهى كلامه رحمهالله ـ (١).
وفي كلا الجوابين نظر ، أمّا الأوّل : فلأنّا وإن سلّمنا انحصار التكليف الفعلي المنجّز بالواقع على حسب تأدية الطرق ، لكن نقول : إنّ العلم الإجمالي طريق للواقع فالواقع الموجود بين الأطراف مكلّف به لأنّه مؤدّى الطريق الأصلي الحقيقي بعد فرض أنّ العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي منجّز للتكليف ، وهو في كمال الوضوح.
وأمّا الثاني : ففيه أوّلا : أنّه خلاف ما صرّح هو به في الشبهة المحصورة في مسألة ما لو اضطرّ إلى ارتكاب أحد الإناءين معيّنا ، فقد فصّل هناك بين ما لو كان الاضطرار سابقا على العلم الإجمالي فالعلم الإجمالي لا يؤثّر وجوب الاحتياط بالنسبة إلى الإناء الآخر كما ذكر هنا ، وبين ما كان العلم الإجمالي سابقا على الاضطرار فيؤثّر لزوم الاحتياط في الطرف الآخر ، وما نحن فيه من قبيل الثاني ، فيبقى حكم العلم من وجوب الاحتياط بمقتضى هذا التحقيق.
__________________
(١) الرسائل : ٣٥٤