مدفوعة بأنّه إن اريد بذلك أنّ الشارع أخبر بأنّ الاستصحاب وخبر الواحد أو غيرهما طريق إلى الواقع فهو خلاف الواقع قطعا لعدم كونها طريقا في الواقع بضرورة الوجدان ، وكذا لو أريد به أن الشارع حكم إرشادا للحكم العقلي بطريقيّة المذكورات فهو أيضا خلاف الواقع ، لأنّ الطريق إلى الواقع منحصر في نظر العقل بالقطع ليس إلّا ، وإن اريد به أنّ جعل الطريق من قبيل جعل الأحكام الوضعيّة بل هو منها ، فالطريقيّة كالشرطيّة والمانعيّة من الأحكام الوضعيّة ، فلا تناقض الأحكام التكليفيّة الثابتة في الواقع لذي الطريق فهو فاسد ، لأنّا بنينا على مذاق المصنّف من أنّ مجعولات الشرع منحصر في الاحكام التكليفيّة ، وأنّ الأحكام الوضعيّة راجعة إليها ، وإنّما هي مجرّد انتزاعات عقليّة ، لا يمكن أن تكون مجعولة لجاعل ، فيرجع كون الخبر مثلا طريقا إلى كون مؤدّاه واجب العمل ، ويكون ذلك حكما شرعيّا ويعود المحذور وإن بنينا على ما هو التحقيق من كون الأحكام الوضعيّة من مجعولات الشرع مستقلّا فلا ريب أنّها تستتبع التكاليف المترتّبة عليها وحينئذ فجعل الخبر الواحد طريقا يستتبع وجوب العمل على طبق المخبر به جزما وبذلك يعود التناقض بحاله إذ كما أنّ جعل الحرمة والحلّية في شيء واحد متناقضان ، كذلك جعل الحرمة وملزوم الحلّية في شيء واحد متناقضان.
ثمّ لا يخفى أنّه لا فرق في تحقّق التناقض المزبور بين كون مستند الحكم الظاهري هو الدليل الشرعي كخبر الواحد مثلا وبين كون المستند حكم العقل كالظنّ في حال الانسداد وكأصالة الاحتياط في مورد العلم الإجمالي وأصالة البراءة في الشبهة البدويّة وأصالة التخيير في مورده ، لأنّ ما حكم به العقل حكم به الشرع بقاعدة الملازمة ، فلا يتوهّم أنّه لو كان المستند حكم العقل يكون من قبيل الأعذار العقليّة لا يستند إلى الشارع ، حتّى يلزم التناقض ، والفرق أنّ العذر العقلي بعد تبيّن عدم المصادفة يحكم بأنه خطأ من العقل ، والأحكام المذكورة يحكم بعد تبيّن تخلّفها عن الواقع أنّ الحكم كان كذلك في تلك الحالة ، وأنّه حكم صحيح وقع في محلّه إلّا أنّ