حلّيته فهو بهذا العنوان الثانوي حلال أراد الشارع ارتكابه ، فكأنّه قال لا
تشرب التتن ولو جهلت حكم شرب التتن فاشربه ، والغرض من فرض الترتّب مقيّدا بالجهل
بالحكم الأوّل حصول عنوان آخر لأصل الفعل حتّى يصحّ تعلّق الإرادة المخالفة
للإرادة الاولى به وإلّا كان شرب التتن شيئا واحدا متّحد الجهة لم يمكن أن يكون
محلّا لإرادة الفعل والترك معا ، والحاصل أنّ قول الشارع : لا تشرب التتن مع قوله
: اعمل بخبر العادل فيما لو جهلت الحكم الواقعي وقد أخبر العادل بحلّية شرب
التتن مثل قوله : لا تغصب مع قوله : صلّ ، فكما لا تناقض بين الحكمين في الثاني لا
تناقض في الأوّل ،
ويرجع هذا
الجواب في الحقيقة إلى الوجه الأوّل من الجواب وهو الاختلاف في موضوع الحكمين ،
وقد عرفت هناك ما فيه من أنّ معروض الحكم نفس الفعل مثل شرب التتن مثلا لا العمل
بقول العادل أو المخبر به بخبر العادل المنطبق على شرب التتن ، مضافا إلى أنّ
الظاهر من أدلة الطرق الطريقيّة والكاشفيّة عن الواقع بمعنى كونها موصلا إلى
الواقع كالعلم والمستدرك من العمل بها هو الحكم الواقعي لا غيره.
السادس : أنّ
الأحكام الظاهريّة مطلقا من مؤدّيات الطرق أو الاصول أعذار شرعيّة ، وليست بأحكام
حقيقيّة ، وإن شئت توضيحه فلاحظ الأعذار العقليّة مثلا لو علم المكلّف بعدم وجوب
شيء وتركه ثمّ تبيّن أنّ علمه كان جهلا مركّبا وكان الشيء واجبا في الواقع نقول :
إنّ حكم الواقعي هو الوجوب لا غير والمكلّف معذور في تركه للجهل بالحكم والاعتقاد
بعدم وجوبه ، ولا نقول إنّ الشيء لم يكن واجبا حين علم المكلّف بعدم وجوبه أو بقيد
علمه بعدم وجوبه.
وهكذا نقول
بالنسبة إلى مؤدّيات الطرق والأمارات والاصول : لو خالفت الواقع فإنّها أعذار
شرعيّة وقد عرفت ظهور أدلة الطرق في الكاشفيّة عن الواقع لم يستدرك بها شيء [غير
الواقع] غاية الأمر كون المكلّف معذورا في مخالفة الواقع.
وهكذا نقول
بالنسبة إلى الاصول ،