ينطفأ سعير لوعتهم الّا بنمير مناجاتك.
وبعد فانّه لا نعمة لله جلّ شأنه على العباد بعد الايمان به افضل ولا اكمل ولا اسمى ولا اسنى ولا ارفع ولا انفع من محمّد واهل بيته صلوات الله عليه وعليهم ، فانهم الرحمة على العالمين ومصابيح الهدى في الدنيا والدين.
فما من مكرمة ولا منقبة ولا فضيلة الّا ومنهم تبتدى واليهم تنتهي ، وعنهم تؤثر وبهم تذكر ، ومنهم تنبع واليهم ترجع.
وكانت اعمارهم الشريفة موزّعة شطرا منها للتعليم والارشاد والدلالة على سبل مرمّة المعاش والمعاد ، وشطرا للانقطاع إلى الله سبحانه والمثول بين يديه والانس بالضراعة لديه والاستغراق في تقديسه وتمجيده والتلذّذ بمناجاته والثناء عليه بقدسي اسمائه وصفاته ، حتّى جاء الينا عنهم من ذلك واجتمع على قصر المدّة وعظيم البلاء والشدّة ما لم يجئ ولم يجتمع للانبياء السابقين والاولياء السالفين والحكماء الغابرين على مرور الدهور وكرور الاحقاب والعصور. فجزى الله محمّدا وآله عنا افضل ما جزى نبيّا عن امّته ورسولا عمن ارسل اليه.
وحيث انّ سيدنا الاستاد الاعظم حجّة الاسلام والمسلمين آية الله في العالمين السيّد محمّد كاظم الطباطبائي ادام الله ظله جذوة ذلك المقباس ، وينعة ذلك الغراس وشرافة ذلك الشرف وخلف ذاك السلف ، لذلك نجده ادام الله ايّامه لم يتخطّ عن جادّتهم ولم يمل عن طريقتهم ، وهو بهم سلام الله عليهم اشبه من غيره من الشخص بظلاله ، والشيء بمثاله. فلم تزل اوقاته الشريفة ولا تزال في جميع الاحوال منقد أوّل عمره إلى اليوم لا يصرف شيئا من وقته الا في العلم والتعليم والمطالعة والتدريس والفكر والتاليف.
وكان ايّده الله في مبادى امره عند الخلوة والفراغ وطلب الاستراحة لا يجد راحة لقلبه الّا بمناجاة ربّه والضراعة اليه والخلوة به.
وكان ربما ينشئ بعض العبارات ، ويجرى على لسانه ما يمليه عليه خاطره