في البحث أمورا :
(الأول :) الظاهر ان التعبير الدائر بين القوم في عنوان هذا البحث. من ان ألفاظ العبادات أو المعاملات هل هي موضوعة للصحيح أو الأعم أو هي أسام للصحيح أو الأعم انما هو لأجل سهولة التعبير ، وإلا فلا يخلو من قصور لكونه غير جامع للآراء لأن استعمال ألفاظ العبادات والمعاملات في المعاني المصطلحة كما يحتمل ان يكون من باب الوضع التعييني يحتمل ان يكون من باب الوضع التعيني بل يحتمل كونه من باب المجاز ـ وقد مر ان الوضع التعيني ليس بوضع حقيقة فعلى التعبير الأول يخرج كلا الرأيين أعني كونه من باب الوضع التعيني أو من باب المجاز عن محل البحث وعلى التعبير الثاني يخرج المجاز فقط كما لا يخفى والأولى ان يعنون البحث هكذا : «ان الأصل في استعمالات الشارع لألفاظ العبادات والمعاملات ما ذا» فيدخل فيه الجميع حتى المجاز سيما على ما قويناه من كونه عبارة عن الاستعمال فيما وضع له مع ادعاء انطباقه على المصداق المجازي فيقال ان الأصل هو الادعاء بالنسبة إلى المصداق الصحيح أو الأعم ـ فما قد يقال من لغوية البحث بناء عليه ليس بشيء بل يمكن القول بجريان البحث المثمر حتى على مذهب الباقلاني من دون ورود ما أورده عليه بعض أعاظم العصر ، حيث قال : ان القرينة ان دلت على جميع ما يعتبر في المأمور به فلا شك ليتمسك بالإطلاق (ح) وان دلت على اعتبارها بنحو الإجمال فليس هناك إطلاق لفظي ، واما الإطلاق المقامي فهو جار على كلا القولين.
وجه الإشكال انه يمكن ان يقال بناء على هذا القول : هل الأصل في القرينة الدالة على الاجزاء والشرائط هو إقامة القرينة المجملة على ما ينطبق على الصحيحة لكي لا يجوز التمسك بالإطلاق أو على ما ينطبق على الأعم حتى يجوز وبالجملة لا فرق بين هذا القول وبين القول بالمجاز والأمر سهل.
(الثاني :) ان العناوين المعروفة في عقد الباب كلها لا تخلو من تكلف والأولى عنوانه هكذا : «بحث» في تعيين الموضوع له في الألفاظ المتداولة في الشريعة. أو في تعيين المسمى لها. أو في تعيين الأصل في الاستعمال «فيها» على اختلاف في الآراء والمشارب ـ إذ ما أفاده القوم غير خال عن النّظر والظاهر ان الّذي أوقعهم فيه انما هو سهولة عبارته فعبروا عن الشيء بلازم وجوده مع انه غير تام.