فأتاه فقال : يا محمد! هو يكفر بالنجم إذا هوى وبالذي دنا فتدلى ، ثم تفل في وجهه ، وردّ عليه ابنته فطلّقها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اللهم سلّط عليه كلبا من كلابك. قال : وأبو طالب حاضر ، فوجم (١) لها ، وقال : ما كان أغناك يا ابن أخي عن هذه الدعوة ، فرجع عتبة إلى أبيه فأخبره بذلك ، ثم خرجوا إلى الشام ونزلوا منزلا ، فأشرف عليهم راهب من الدير فقال : هذه أرض مسبعة (٢) ، فقال أبو لهب لأصحابه : أغيثونا يا معاشر قريش هذه الليلة ، فإني أخاف على ابني دعوة محمد ، فجمعوا [له](٣) أحمالهم وفرشوا لعتبة في أعلاها ، وناموا حوله ، فجاء الأسد فجعل يتشمم وجوههم ، ثم ثنى ذنبه فوثب وضرب عتبة بيده ضربة واحدة فخدشه ، فقال : قتلني ، ومات مكانه (٤). ففي ذلك يقول حسان بن ثابت :
من يرجع العام إلى أهله |
|
فما أكيل السّبع بالرّاجع (٥) |
قوله تعالى : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ) يعني : محمدا صلىاللهعليهوسلم. وهذا جواب القسم ، والخطاب لقريش.
والمعنى : ما ضل عن طريق الهدى (وَما غَوى).
(وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) أي : ما يتكلم بالباطل. وهذا تكذيب لهم حيث
__________________
(١) الوجوم : السكوت على غيظ. والواجم : الذي اشتد حزنه حتى أمسك عن الكلام. وقيل : الوجوم : الحزن (اللسان ، مادة : وجم).
(٢) أرض مسبعة : أي : ذات سباع (اللسان ، مادة : سبع).
(٣) ساقط من ب.
(٤) ذكره القرطبي في تفسيره (١٧ / ٨٣).
(٥) البيت لحسان بن ثابت. انظر : حياة الحيوان للدميري (٢ / ٤٤٦) ، والقرطبي (٦ / ٥٠) ، والكشاف (٤ / ٤١٩) ، وروح المعاني (٣٠ / ٢٦٢).