دع المكارم لا تنهض لبغيتها |
|
واقعد فإنّك أنت الطاعم الكاسي (١) |
هجوا عظيما ، حتى قال حسان : ما هجاه ولكن سلح عليه.
فعلى الرجل الحازم أن يجتنب ذلك ويأنف منه ويربأ بنفسه عنه ، ولهذا قال عمر رضي الله عنه : «اخشوشنوا وتمعددوا (٢)» (٣).
قوله تعالى : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) قرأ نافع وابن كثير وابن عامر : " عند الرحمن". وقرأ الباقون" عباد" (٤).
فمن قرأ جعله ظرفا ، احتج بقوله تعالى : (وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) [الأنبياء : ١٩] ، وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) [الأعراف : ٢٠٦] ، والباقون احتجوا بقوله تعالى : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) [الأنبياء : ٢٦].
(أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) أي : أحضروا خلقهم وعاينوه فشهدوا على ما رأوا؟ وهو توبيخ لهم على القول بغير علم.
وقرأ نافع بهمزتين الأولى محققة والثانية مضمومة ملينة مع سكون الشين (٥) ،
__________________
(١) البيت للحطيئة ، وهو في اللسان (مادة : ذرق ، طعم ، كسا) ، والطبري (١٢ / ٤٦) ، والقرطبي (٩ / ٤٠) ، والأغاني (٢ / ١٧٧ ، ١٧٨) ، والاستيعاب (٢ / ٥٦٢).
(٢) قال ابن الأثير في النهاية (٤ / ٣٤١ ـ ٣٤٢) : تمعدد الغلام : إذا شبّ وغلظ ، وقيل : أراد : تشبّهوا بعيش معدّ بن عدنان ، وكانوا أهل غلظ وقشف ، أي : كونوا مثلهم ودعوا التّنعّم وزيّ العجم ، ومنه حديثه الآخر : عليكم باللّبسة المعدّيّة ، أي : خشونة اللباس.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٥ / ٣٠٤ ح ٢٦٣٢٨).
(٤) الحجة للفارسي (٣ / ٣٧٠) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٦٤٧) ، والكشف (٢ / ٢٥٦) ، والنشر (٢ / ٣٦٨) ، والإتحاف (ص : ٣٨٥) ، والسبعة (ص : ٥٨٥).
(٥) أي هكذا : " أأشهدوا".