الأرض تواضعا لسليمان عليهالسلام ، فلما دنا منه أخذ برأسه فمده إليه ، فقال : يا نبي الله! اذكر وقوفك بين يدي الله ، فارتعد سليمان عليهالسلام وعفى عنه ، ثم سأله فقال : ما الذي بطّأبك؟ (فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ) ، أي : علمت شيئا من جميع جهاته (١).
قال صاحب الكشاف (٢) : كافح سليمان بهذا الكلام على ما أوتي من فضل النبوة والحكمة والعلوم الجمّة والإحاطة بالمعلومات الكثيرة ، ابتلاء له في علمه ، [وتنبيها](٣) على أن في أدنى خلق الله وأضعفه من أحاط علما بما لم يحط به ؛ لتتحاقر إليه نفسه ، ويتصاغر إليه علمه ، ويكون لطفا له في ترك الإعجاب الذي هو فتنة العلماء ، وأعظم بها فتنة. وفيه دليل على بطلان قول الرافضة : أن الإمام لا يخفى عليه شيء ، ولا يكون في زمانه أحد أعلم منه.
(وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ) قرأ أبو عمرو والبزي : «سبأ» بالفتح من غير تنوين على أنه اسم للقبيلة أو المدينة.
قال قتادة : هي أرض باليمن يقال لها : مأرب (٤).
ومنعه الصّرف : التعريف والتأنيث.
قال الشاعر :
__________________
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣ / ٣٦٣).
(٢) الكشاف (٣ / ٣٦٤).
(٣) في الأصل : وتنبها. والتصويب من ب ، والكشاف ، الموضع السابق.
(٤) أخرجه الطبري (١٩ / ١٥٢) من حديث طويل ، وابن أبي حاتم (٩ / ٢٨٦٤). وذكره السيوطي في الدر (٦ / ٣٥٠) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.