عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً).
قال ابن قتيبة (١) : لم يتغافلوا عنها كأنهم صم لم يسمعوها ، عمي لم يروها.
وقال الزجاج (٢) : تأويله : إذا تليت عليهم خرّوا سجدا وبكيا ، سامعين مبصرين لما أمروا به ونهوا عنه ، ودليل ذلك قوله تعالى : (وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) [مريم : ٥٨]. ومثل هذا من الشّعر :
بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم |
|
ولم يكثر القتلى بها حين سلّت (٣) |
وتقديره : بأيدي رجال شاموا سيوفهم وقد كثرت القتلى.
ومعنى" لم يشيموا سيوفهم" : لم يغمدوها.
فالتأويل : والذين إذا ذكّروا بآيات ربهم خرّوا ساجدين سامعين مبصرين.
وقريب من قول الزجاج قول صاحب الكشاف (٤) : ليس هو بنفي للخرور وإنما هو [إثبات](٥) له ، ونفي للصّمم والعمى ، كما تقول : لا يلقاني زيد مسلّما ، هو نفي للسلام لا للّقاء.
والمعنى : أنهم إذا ذكّروا بها أكبّوا عليها حرصا على استماعها ، وأقبلوا على المذكّر بها وهم في إكبابهم عليها سامعون بآذان واعية ، مبصرون بعيون راعية.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) قال
__________________
(١) تفسير غريب القرآن (ص : ٣١٥).
(٢) معاني الزجاج (٤ / ٧٧ ـ ٧٨).
(٣) البيت للفرزدق. وهو في : اللسان (مادة : خرر ، شيم) ، وروح المعاني (١٨ / ١٦٨).
(٤) الكشاف (٣ / ٣٠١).
(٥) في الأصل : إيثار. والتصويب من الكشاف ، الموضع السابق.