العين (١) ، فسميت هذه عورات ؛ لاختلال تستّر الناس وقلّة تحفّظهم فيها.
ثم عذرهم في ترك الاستئذان فيما عدا هذه الأوقات الثلاث فقال : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ) أيها المؤمنون الأحرار (وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ) إثم ولا حرج (بَعْدَهُنَ) أي : بعد مضيّ الأوقات الثلاث في ترك الاستئذان ، وهذا تمام الكلام.
ثم قال : (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) أي : هم طوّافون عليكم للخدمة ، أو أنتم طوافون ، (بَعْضُكُمْ) بدل من الضمير الذي في" طوّافون" (٢) ، أي : يطوف بعضكم (عَلى بَعْضٍ) ، وهذا خارج مخرج التعليل لجواب ترك الاستئذان ؛ لأن البعضية توجب المخالطة والتّطواف.
(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ) أي : مثل هذا البيان الواضح يبين الله (لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ) بما يصلحكم ، فاتبعوا أمره وأطيعوه ، (حَكِيمٌ) فارعووا عما نهاكم عنه واجتنبوه.
فصل
ذهب أكثر العلماء إلى القول بإحكام هذه الآية ، قيل للشعبي : أمنسوخة هي؟ قال : لا والله ما نسخت؟ قلت : إن الناس لا يعملون بها ، فقال : الله المستعان (٣).
وقال سعيد بن جبير : والله ما نسخت ، ولكنها مما يتهاون به الناس (٤).
__________________
(١) انظر : اللسان (مادة ، عور).
(٢) التبيان (٢ / ١٥٩) ، والدر المصون (٥ / ٢٣٥).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٤ / ٤٤) ، والطبري (١٨ / ١٦٣) ، وابن أبي حاتم (٨ / ٢٦٣٣). وذكره السيوطي في الدر (٦ / ٢١٨) وعزاه لابن أبي شيبة.
(٤) أخرجه الطبري (١٨ / ١٦٣). وذكره السيوطي في الدر (٦ / ٢١٨) وعزاه لعبد بن حميد.