فإن قيل : " من" هاهنا شرطية ، أو [بمعنى](١) الذي؟
قلت : جائز أن تكون بمعنى الذي ، وقوله : " تولاه" في صلة" من". وقوله : (فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) مبتدأ ، تقديره : الشأن أنه يضله ، والمبتدأ مع أنّه واسمه وخبره خبر" من" ، ودخلت الفاء ؛ لأن الموصول يتضمن معنى الشرط والجزاء. وجائز أن تكون شرطية ، و" تولاه" في موضع الجزم ب" من" ، والفاء مع" أنّ" وما بعده في موضع الجواب والشرط ، والجواب خبر" أنّ" الأولى (٢).
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (٥)
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) أي : إن كنتم في شكّ من صحته وكونه ، فانظروا ببصائركم في دلائل قدرتي ومبتدأ خلقكم لتستدلوا بالابتداء السابق على الإيجاد اللاحق.
وقوله : (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) معناه : خلقنا أصلكم آدم من تراب ، (ثُمَ
__________________
(١) في الأصل : معنى. والتصويب من ب.
(٢) انظر : التبيان (٢ / ١٣٩) ، والدر المصون (٥ / ١٢٣ ـ ١٢٤).