المستهزئين ـ على ما سنذكره عن قريب ـ وما أصابهم يوم بدر وغيره ، وعذاب قوم صالح مذكور في سورة النمل (١).
وقال الواحدي (٢) : يجوز أن يكون المعنى : أني أنذركم ما أنزلنا ، فتكون الكاف زائدة.
وقد فصّلت لك القول في هذه المواضع تفصيلا كشفت لك به عن وجه المقصود ، ورتبته لك ترتيبا جامعا لأشتات ما ذكره المفسرون ، ورددت لك الفروع إلى أصولها ، فإذا نظرت فيه فقل : رحم الله قائله.
قوله تعالى : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) يعني : سؤال تقريع وتوبيخ.
قال أبو العالية : يسأل العباد عما كانوا يعبدون ، وما ذا أجابوا المرسلين (٣).
وأخرج الترمذي من حديث أنس عن النبي صلىاللهعليهوسلم «في قوله : (لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) قال : عن قول : لا إله لا الله» (٤).
فإن قيل : ما تصنع بقوله : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) [الرحمن : ٣٩]؟
قلت : إما أن يراد به في بعض مواطن القيامة ، أو يراد به : لا يسأل هل عملت؟
__________________
(١) من آية رقم : (٤٥) إلى آية رقم : (٥٣).
(٢) الوسيط (٣ / ٥٢).
(٣) أخرجه الطبري (١٤ / ٦٧) ، وابن أبي حاتم (٧ / ٢٢٧٤). وانظر : الوسيط (٣ / ٥٢ ـ ٥٣) ، وزاد المسير (٤ / ٤١٩). وذكره السيوطي في الدر (٥ / ٩٩) وعزاه للترمذي وابن جرير وأبي يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٤) أخرجه الترمذي (٥ / ٢٩٨ ح ٣١٢٦).