تفسير البرهان أقوالا يقطع العقل بفسادها :
منها : أنه بدت بينهما كفّ ليس لها عضد ولا معصم ، وفيها مكتوب : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) [الإسراء : ٣٢] ، فقام هاربا وقامت ، فلما ذهب عنهما الروع عادا ، فلما قعدا إذا بكفّ قد بدت فيما بينهما فيها مكتوب : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) ... الآية [البقرة : ٢٨١] فقاما ثم عادا ، فقال الله تعالى لجبريل : أدرك عبدي قبل أن يصيب الخطيئة ، فانحطّ جبريل عاضا على كفه أو أصبعه يقول : أتعمل عمل السفهاء وأنت مكتوب عند الله في الأنبياء (١).
ورووا عن وهب أنه قال : ظهرت تلك الكف وعليها مكتوب بالعبرانية : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) [الرعد : ٣٣] ، فانصرفا ، ثم عادا فظهرت وعليها مكتوب : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ* كِراماً كاتِبِينَ) [الإنفطار : ١١ ـ ١٢] فانصرفا ، ثم عادا وظهر عليها مكتوب : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) [البقرة : ٢٨١].
وهذه الوجوه وأمثالها لا تثبت على محك النقل ولا عند حاكم العقل ، وإنما هي مما يروج بها القصّاص مجالسهم ويجتلبون بها عقول العامة ، وليست من الصحة والتحقيق في شيء.
والذي يصحح ما ذكرناه ويفسد قولهم : قول امرأة العزيز حين أفصحت بسرها : (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) وهذا النبأ موضوع للمبالغة ، ومثله : استمسك ، واستفحل الخطب ، واستوسع الفتق.
__________________
(١) وقد جزم المؤلف رحمهالله بفساد هذه الأقوال ؛ لعدم صحتها نقلا وعقلا.