وقال ابن الأنباري (١) : قد قيل إنها من كلام قريش ، إلا أنها مما درس وقلّ في أفواههم آخرا.
(قالَ مَعاذَ اللهِ) قال الزجاج (٢) : هو مصدر. المعنى : أعوذ بالله أن أفعل هذا ، تقول : عذت عياذا ومعاذا ومعاذة.
(إِنَّهُ رَبِّي) أي : إن العزيز صاحبي الذي يربني (أَحْسَنَ مَثْوايَ). وقيل : الضمير لله تعالى ، وقيل : ضمير الشأن ، أي : أن الشأن والحديث ربي العزيز أو ربي الله تعالى ، على اختلاف القولين ، (أَحْسَنَ مَثْوايَ) أي : أكرمني ووصّاك عليّ ، فما جزاؤه أن أخلفه بسوء في أهله ، (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) الذي يجازون عن الحسن الجميل السيء القبيح.
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (٢٤)
قوله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) الهمّ بالشيء : العزم عليه والقصد إليه. قال الشاعر (٣) :
__________________
(١) انظر : زاد المسير (٤ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣).
(٢) معاني الزجاج (٣ / ١٠١).
(٣) البيت لضابئ بن الحارث البرجمي ، من شعر قاله حين اعتقله عثمان بن عفان وحبسه لفرية افتراها ، وذلك أنه استعار كلبا من بعض بني نهشل يقال له : قرحان ، فطال مكثه عنده ، وطلبوه فامتنع عليهم فعرضوا له وأخذوه منه ، فغضب فرمى أمهم بالكلب ، فاعتقله عثمان في حبسه إلى أن مات عثمان ، وكان همّ بعثمان لما أمر بحبسه.
وانظر البيت في : اللسان ، مادة : (قير) ، والإصابة (٣ / ٤٩٨) في ترجمته ، وتاريخ الطبري ـ