كمنية جابر إذ قال ليتني |
|
أصادفه وأتلف بعض مالي (١) |
قال الفراء (٢) : من قال «إننا» أخرج الحرف عن أصله ؛ لأن كناية المتكلمين «نا» ، فاجتمعت ثلاث نونات : نونا «إن» والنون المضمومة إلى الألف. ومن قال : «إنا» استثقل الجمع بين الثلاث نونات ، فأسقط الثالثة وأبقى الأوليين.
والمعنى : إننا (لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) من التوصل ورفض آلهتنا (مُرِيبٍ) موقع في الريبة ، وهي قلق النفس بانتفاء الطمأنينة.
فإن قيل : لم قال هنا (تَدْعُونا) ، وفي إبراهيم : (تَدْعُونَنا)؟
قلت : هاهنا الرسول واحد ، والنون مع الألف ضمير المتكلمين ، وفي «إبراهيم» الخطاب للرسل ، والنون الأولى لا تسقط إلا بناصب أو جازم.
(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) أي : برهان بيّن ودليل واضح (وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً) وهي النبوة (فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) أي : من يمنعني من عذابه إن عصيته بعد البينة (فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) لكم لا لي.
قال ابن عباس : فما تزيدونني غير بصارة في خسارتكم (٣).
وقيل : فيه إضمار ، تقديره : فما تزيدونني غير تخسير إن رجعت إلى دينكم ، وهذا الاستثناء بمنزلته في قوله : (ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) [التوبة : ٤٧] ، وقد سبق تفسيره والكشف عن معناه.
__________________
(١) انظر البيت في : اللسان ، مادة : (ليت) ، وزاد المسير (٤ / ١٢٤).
(٢) لم أقف عليه في معاني الفراء. وانظر : زاد المسير (٤ / ١٢٤).
(٣) زاد المسير (٤ / ١٢٤).