(نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) أي : نوصلهم أجور أعمالهم في الدنيا فنمدّهم بالأموال والبنين وسعة الأرزاق والرفاهية والأمن وبلوغ الأماني ، حتى يوافوا القيامة وليست لهم حسنة يجزون بها.
أخبرنا حنبل بن عبد الله بن الفرج إذنا قال : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين ، أبنا ابن المذهب ، أبنا أبو بكر القطيعي ، أبنا عبد الله بن الإمام أحمد ، حدثني أبي قال : ثنا عبد الصمد ، ثنا همام ، ثنا قتادة ، عن أنس ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله لا يظلم المؤمن حسنة ، يثاب عليها الرزق في الدنيا ، ويجزى بها في الآخرة ، وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا ، فإذا لقي الله يوم القيامة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا» (١). انفرد بإخراجه مسلم ، فرواه عن زهير ، عن يزيد بن هارون ، عن همام.
(وَهُمْ فِيها) أي : في الدنيا (لا يُبْخَسُونَ) أي : لا ينقصون من أجور أعمالهم شيئا.
وزعم مقاتل (٢) أن قوله : (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) ... الآيةنسخ بقوله : (عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) [الإسراء : ١٨].
وهذا ليس بصحيح ؛ لأن الأخبار لا تنسخ.
(أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها) أي : بطل في الآخرة ثواب ما عملوا في الدنيا من حسنة ؛ لأنهم أطعموا بها كما ذكرناه ، أو تكون الكناية في قوله : «فيها» تعود إلى «الآخرة» وهو أقرب المذكورين ، على معنى : وحبط في الآخرة ثواب ما صنعوا ، (وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الخير ؛ لأنهم لم
__________________
(١) أخرجه مسلم (٤ / ٢١٦٢ ح ٢٨٠٨).
(٢) تفسير مقاتل (٢ / ١١٢).