من العلم والفهم ، فنشأته تلك تعني ملازمة دائمة للنبي صلىاللهعليهوسلم ، يضاف إلى ذلك ملازمة ابن عباس لأكابر الصحابة بعد
وفاة المصطفى يتعلم منهم ، ويعرّفونه من أسباب النزول وتواريخ التشريع ما لم يعرفه
لصغره.
وابن عباس عالم
العربية الذي لا يدرك شأوه ، عرف اللغة ، وحفظ غريبها ، وتعمق بخصائصها وآدابها ، وأدرك
أساليبها ، حتى إنه كان له طريقة مميزة في التفسير ، فكان كثيرا ما يرجع إلى الشعر
الجاهلي إذا سئل عن غريب القرآن.
يروي الأنباري
عنه أنه قال : إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر فإن الشعر ديوان
العرب. ولعل أستاذه في هذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقد كان
عمر يسأل أصحابه عن معنى قول الله تعالى : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ
عَلى تَخَوُّفٍ) . فيقوم له شيخ من هذيل فيقول له : هذه لغتنا. التخوف :
التنقص. فيقول
له عمر : هل تعرف العرب ذلك في أشعارها. فيقول له نعم ، ويروي له قول الشاعر :
تخوّف الرحل
منها نامكا قردا
|
|
كما تخوّف
عود النبعة السّفن
|
فيقول عمر
لأصحابه : عليكم بديوانكم لا تضلوا. قالوا : وما ديواننا؟ قال :
شعر الجاهلية
فإنّ فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم .
وكما رأى عمر
بن الخطاب رضي الله عنه ، كان يرى ابن عباس أن الرجوع إلى الشعر الجاهلي ضروري
للاستعانة به على فهم غريب القرآن فيقول :
الشعر ديوان
العرب ، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب رجعنا إلى
ديوانها فالتمسنا ذلك منه.
وسار التابعون
من تلامذة ابن عباس على طريقته اللغوية في التفسير ، حتى قامت الخصومة بين بعض
الفقهاء واللغويين ومن فسّر بهذه الطريقة فاتهموهم أنهم بذلك يجعلون الشعر الجاهلي
المذموم حديثا وقرآنا أصلا للقرآن ، والحقيقة والواقع
__________________