مقيله ، ويخرج فيراني فيقول : يا ابن عم رسول الله ما جاء بك؟ هلا أرسلت
إليّ فآتيك؟ فأقول : لا أنت أحق بأن أسعى إليك. فأسأله عن الحديث وأتعلم منه. وجدّ
في طلبه للعلم. حتى أدهش بما بلغه فحول عصره.
فقال عنه محمد
بن الحنفية : كان ابن عباس حبر هذه الأمة.
أما الإمام الحسن
رضي الله عنه فكان يقول : إن ابن عباس كان من القرآن بمنزل.
وكان التابعون
يرون فيه الأستاذ المثل والعالم الكامل ، فكان أحد كبار التابعين مسروق بن الأجدع
يقول : كنت إذا رأيت ابن عباس قلت : أجمل الناس. فإذا نطق قلت : أفصح الناس ، فإذا
تحدث قلت : أعلم الناس.
بل إن تنوّع
ثقافته وشمول معرفته لمّا يأخذ بألباب معاصريه ، فهو المتمكن من كل علم : في الفقه
والتاريخ ، وفي تفسير القرآن وتأويله ، وفي لغة العرب وآدابهم. يقول عبيد الله بن
عتبة : ما رأيت أحدا كان أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم من ابن عباس ، ولا رأيت أحدا أعلم بقضاء أبي بكر وعمر
وعثمان رضي الله عنهم منه ولا أفقه في رأي منه ، ولا أعلم بشعر ولا عربية ، ولا
تفسير للقرآن ولا بحساب وفريضة منه.
ولما حاز ابن
عباس ما قصد إليه من العلم تحوّل إلى معلم يعلم الناس ، فيعظ العامة ، ويعلم
الخاصة ، فكان بيته جامعة ، فيها تلقى كل العلوم لكن ليس فيها إلا أستاذ واحد ، أستاذ
موسوعي يجد عنده الطالب كل ما يريد. يقول عبيد الله بن عتبة : .. ولقد كان يجلس
يوما للفقه ، ويوما للتأويل ، ويوما للمغازي ، ويوما للشعر ، ويوما لأيام العرب
وأخبارهم ، وما رأيت عالما جلس إليه إلا خضع له ولا سائلا سأله إلا وجد عنده علما.
لقد كان لا بد
لابن عباس من تخصيص أيام الأسبوع كل يوم بعلم ، فقد كان مقصد الباحثين والطالبين ،
يأتيه الناس من أقطار الإسلام أفواجا لينهلوا من بحر علمه ، ويستغلوا فرصة وجوده .
__________________