احتجوا «بان
الامر طلب لايجاد الفعل والنهى طلب لعدمه فالجمع بينهما فى امر واحد ممتنع وتعدد
الجهة غير مجد مع اتحاد المتعلق اذا الامتناع انما نشأ من لزوم اجتماع المتنافيين
فى شىء واحد وذلك لا يندفع إلّا بتعدد المتعلق بحيث يعد فى الواقع امرين هذا مأمور
به وذاك منهى عنه ومن البين ان التعدد فى الجهة لا يقتضى ذلك».
اقول ويظهر
الجواب عن ذلك بالتأمل فيما مر ونقول هنا ايضا ـ قوله : «الجمع بينهما فى امر واحد
ممتنع». ان اراد ان الامر بالصلاة من حيث انه هذا الفرد والنهى عن الغصب الذى ـ
بعينه ـ هو الكون الحاصل فى الصلاة ممتنع الاجتماع فهو كما ذكره لكن الامر والنهى
لم يردا الا مطلقين وجهة الامر والنهى تقييدية ـ لا تعليلية ـ
وما ذكره من
عدم اجزاء تعدد الجهة ممنوع.
قوله : «بحيث
يعد فى الواقع امرين». ان اراد لزوم تعددهما فى الحس ففيه منع ظاهر. وان اراد مطلق
التعدد فلا ريب انهما متعدد ان ولم ينتف احد من الحقيقتين فى الخارج بسبب اتحاد
الفرد ولم يصيرا شيئا ثالثا ـ ايضا ـ بل هما متغايران فى الحقيقة متحدان فى نظر
الحس فى الخارج.
«المبحث الخامس في»
«دلالة النهى على الفساد»
اختلفوا فى
دلالة النهى على الفساد على اقوال. وتحقيق المقام يستدعى رسم مقدمات :
الاولى ـ
المراد بالعبادة ما احتاج صحته الى النية. وبعبارة اخرى لم يعلم المصلحة فيها ـ
سواء لم تعلم اصلا او علمت فى الجملة ـ والمراد بالمعاملة ما قابل ذلك اى لا يحتاج
صحتها الى النية ـ سواء كان من الواجبات كغسل الثياب والاوانى او من العقود
والايقاعات ـ فان المصالح فيها واضحة لا يتوقف حصولها على قصد