حقا ، فإنه
بداية من منتصف القرن التاسع عشر يبذل هؤلاء المستشرقون كل ما فى وسعهم ليبدوا
موضوعيين فى كتاباتهم وفى جعل كتاباتهم أكثر دلالة وأكثر جدية وموضوعية ، وأكثر
تدقيقا فى المنهج اللغوى ، لكن دون فائدة ، ذلك لأن الدوافع الداخلية التى تضطرم
بالحقد فى قلوبهم ضد الإسلام وكتاب الإسلام المقدس ونبى الإسلام ظلت كما هى بل
ازدادت تأججا.
وبرغم أن هؤلاء
الكتاب قد توفرت لهم أدوات فهم اللغات منذ بداية القرن الأخير حتى يومنا هذا ،
إضافة إلى توافر نشر المخطوطات ، إلا أنهم أصروا على تقديم نظرياتهم الخاطئة ، من
خلال تصوراتهم الزائفة للقضايا الوهمية التى طرحوها حول القرآن وطرحوا نتائج زائفة
توصلوا إليها.
ومن أجل ذلك
تصدينا فى كتابنا هذا لفضح هذه الجرأة الجهولة الحمقاء عند هؤلاء المستشرقين حول
القرآن ، ونبدأ بتسجيل بعض الملاحظات العامة :
١ ـ إن معرفة
هؤلاء المستشرقين للغة العربية من الناحية الأدبية أو الفنية يشوبها الضعف ، ويمكن
القول أن هذه الملاحظة تخصهم جميعا تقريبا.
٢ ـ إن
معلوماتهم جميعا المستقاة من مصادر عربية جزئية ناقصة وضحلة وغير كافية ، وهم
يرمون بأنفسهم فى مغامرة طرح فرضيات خطيرة وخاطئة يعتقدون أنهم أول من توصل إليها
، دون تكليف أنفسهم عناء التقصى لدى تلك المصادر عن نفس المعضلات التى يثيرونها ،
إذ تطرق الكتاب المسلمون فى حقيقة الأمر لهذه الفرضيات واعترضوا عليها.
٣ ـ إن ما يحرك
بعض المستشرقين دافع الضغينة والحقد على الإسلام ، مما يفقدهم الموضوعية ويعمى
بصيرتهم بطريقة أو بأخرى ، وهذا ينطبق خاصة على هيرشفيلدHirschfeld هوروفيتز ، سبير.
٤ ـ لقد ذهب
بعض من السطحيين إلى الإعلان بأعلى صوته أن فى القرآن انتحال وتقليد وسرقة ،
معتمدين على تشابه لا أساس له. وهذا ما قام به مستشرقون مثل : جولد تسيهر ـ شفالى ـ
مرجوليوث ، ونتحفظ نوعا ما فيما