خاتمة
وبعد هذا الحديث المستفيض نصل إلى الخلاصة :
١ ـ إن العبارة القرآنية (يا أُخْتَ هارُونَ) مريم آية ٢٨ لا يعنى سوى «يا سليلة هارون» فالاتهام بالزنا والذى رمى به اليهود مريم أم المسيح أصبح أكثر شناعة قياسا إلى أنها من عائلة مقدسة ، ويؤكد «لوقا» هذا النسب لأن مريم قريبة الياصبات أم يوحنا المعمدان ، كما يؤكد هيوليت أن اليصابات بنت خالة مريم كما تؤكد المصادر المسيحية هذه القرابة.
٢ ـ وبهذه الطريقة فهمه يهود ونصارى المدينة والجزيرة العربية ، ومن وجهة النظر اللغوية فإن استعمال أخ أو أخت أو يا أخا أو يا أخت وبعدها اسم عشيرة أو قبيلة أو بلد يكون بمعنى يا سليل هذه العشيرة أو هذه القبيلة أو البلد وهو استعمال كان وما يزال شائعا فى تاريخ اللغة العربية ، وقد أشار إليه الطبرى وتبعه كثير من المفسرين المسلمين ، وقد ذكر لذلك أمثلة عديدة ونحن أيضا ذكرنا أمثلة أخرى من القرآن نفسه ومن كلام الكتاب الكبار وهى أمثلة تصل إلى حد الوفاء بالموضوع وأكثر.
٣ ـ نعتقد أيضا أن تعبير «يا أخت هارون» لم يثر أية مشكلة فى حياة النبى وما ذكره مسلم والنسائى والترمذى مع تحفظ لما ذكره الطبرى فى موضوع الحوار الذى دار بين المغيرة بن شعبة الذى أرسله النبى إلى نجران وأهل تلك البلاد هو فى رأينا مختلق لتأييد أن هذا الاعتراض أجاب عنه النبى نفسه.
ومن ناحية أخرى مما ذكره الطبرى وأيده فخر الدين الرازى من أن مريم كان لها أخ يسمى هارون مرفوض لعدم استناده على أى معطيات تاريخية.
٤ ـ ويمكننا أن نتساءل ما الذى جعل الأول يصيغ هذا الاتهام بالمخالفة التاريخية أو الخلط بين مريم أخت موسى وهارون ومريم أم عيسى؟ إن أول كاتب مسيحى ذكر ذلك هو يوحنا الدمشقى (ت ٧٤٩) ، وإذا لم يكن هو صاحب هذا الاتهام فيمكن أن نعزوه إلى مسيحى الشام فى نهاية القرن الأول