٣ ـ معنى أخر
يورده لسان العرب للفظ (أمىّ) و (أميون) وهو معنى ينطبق أكثر على الأمم ، أى
الحالة الثانية التى ذكرناها قبل ذلك ويستشهد هنا برأى العالم اللغوى الكبير أبى
إسحاق الزجاج المتوفى فى (٣ جمادى الثانى سنة ٣١١ ه / ٢٥ ـ ٩ ـ ٩٢٤ م) ، الخامس
والعشرين من سبتمبر سنة (٩٢٣ م) ، حيث يقول الزجاج : «الأمى هو الذى يظل كما ولدته
أمه» ، أى : لم يتعلم الكتابة فهو أمى لأن الكتابة صنعة مكتسبة وهو فى هذه الحالة
ظل كما ولدته أمه وتبعا للمعنى فإن كلمة «أمى» جاءت من كلمة «أم» ونحن هنا أمام
أصلين لهذه الصفة «أمى».
الأصل
الأول : أمى مصدرها
من أمه.
الأصل
الثانى : أمى مصدرها
من الأم.
وكلا الأصلين
للكلمة يمكن أن يقبل من الناحية النحوية وليس هناك مشكلة فى هذا الصدد ، ولكن من
ناحية المعنى هناك اختلاف كبير ينشأ عن استخدامنا للأصل الأول أو الأصل الثانى لأن
الأصل الثانى للكلمة «أمى مشتقة من الأم» يسمح لنا أن نقصد بكلمة أمى من لا يقرأ
ولا يكتب ، أما الأصل الأول للكلمة «أمى مشتقة من أمة» فلا يسمح لنا أن نقصد بهذه
الكلمة من لا يقرأ ولا يكتب.
ولذلك فإن
الذين يظنون أن معنى كلمة أمى التى يوصف بها النبى صلىاللهعليهوسلم أنه ينتمى إلى الأمة العربية يخدعون أنفسهم لأنه من
الزيف أن نقول : إن الكتابة كانت نادرة أو غير موجودة عند العرب ومن ناحية أخرى فإن
كثيرا من الأمم كانت على نفس شاكلة الأمة العربية فى هذه الحالة .. لما ذا إذن حصر
هذا النعت على الأمة العربية لتختص به وحدها دون سواها ، خاصة أنه يمكن الاعتراض
على هذا استنادا إلى الآيات التى استدللنا بها فى الحالة التى ورد فيها لفظ (أمىّ)
و (أميون) للدلالة على الأمم ، حيث أن الأمر يتعلق بأمم كثيرة متعارضة أو موازية
مع أمتى التوراة (اليهود) والإنجيل والمسيحيين ، أى أهل الكتاب بصفة عامة.