والثاني : أن
يكون مفعولا متعلقا بيعد أي : يعدكم من تلقاء نفسه. و «فضلا» صفته محذوفة أي :
وفضلا منه ، وهذا على الوجه الأول ، وأمّا الثاني فلا حذف فيه.
قوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ)
: الجمهور على «يؤتي»
«ومن يؤت» بالياء فيهما ، وقرأ الربيع بن خيثم بالتاء على الخطاب فيهما. وهو خطاب للباري على
الالتفات. وقرأ الجمهور : «ومن يؤت» مبنيا للمفعول ، والقائم مقام الفاعل ضمير «من»
الشرطية ، وهو المفعول الأول ، و «الحكمة» مفعول ثان. وقرأ يعقوب : «يؤت» مبنيا
للفاعل ، والفاعل ضمير الله تعالى ، و «من» مفعول مقدم ، و «الحكمة» مفعول ثان
كقولك ؛ «أيّا يعط زيد درهما أعطه درهما».
وقال الزمخشري
: بمعنى «ومن يؤته الله».
قال الشيخ : «إن أراد تفسير المعنى فهو صحيح ، وإن أراد الإعراب
فليس كذلك ، إذ ليس ثمّ ضمير نصب محذوف ، بل مفعول «يؤت» من الشرطية المتقدمة. قلت
: ويؤيّد تقدير الزمخشري قراءة الأعمش : «ومن يؤته الحكمة» بإثبات هاء الضمير ، و
«من» في قراءته مبتدأ لاشتغال الفعل بمعموله ، وعند من يجوّز الاشتغال في أسماء
الشرط والاستفهام يجوّز في «من» النصب بإضمار فعل ، ويقدّره متأخرا ، والرفع على
الابتداء ، وقد تقدّم تحقيق هذه في غضون هذا الإعراب.
وقوله : (أُوتِيَ) جواب الشرط ، والماضي المقترن بقد الواقع جوابا للشرط
تارة يكون ماضي اللفظ مستقبل المعنى كهذه الآية ، فهو الجواب حقيقة ، وتارة يكون
ماضي اللفظ والمعنى نحو : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ
فَقَدْ كُذِّبَتْ) فهذا ليس جوابا ، بل الجواب محذوف أي : فتسلّ فقد كذّبت
رسل ، وسيأتي له مزيد بيان.
والتنكير في «خيرا»
قال الزمخشري : «يفيد التعظيم كأنه قال : فقد أوتي أيّ خير كثير».
قال الشيخ : «وتقديره هكذا يؤدي إلى حذف الموصوف ب «أي» وإقامة
الصفة مقامه ، فإنّ التقدير : فقد أوتي خيرا أيّ خير كثير ، وإلى حذف «أيّ»
الواقعة صفة ، وإقامة المضاف إليها مقامها ، وإلى وصف ما يضاف إليه «أي» الواقعة
صفة نحو : مررت برجل أيّ رجل كريم ، وكلّ هذا يحتاج إثباته إلى دليل ، والمحفوظ عن
العرب أنّ «أيا» الواقعة صفة تضاف إلى ما يماثل الموصوف نحو : «دعوت امرأ أيّ امرئ
، فأجابني» وقد يحذف الموصوف بأيّ كقوله :
١٠٨٠ ـ إذا
حارب الحجّاج أيّ منافق
|
|
...............
|
__________________