عطف عليه «ولا متدارك» ، إلا أنهم نصّوا على عدم اقتياسه.
الثاني : أنه منصوب على إضمار فعل ، وإليه نحا الزمخشري ، وأبو البقاء ، قال الزمخشري : «أو كالذي : معناه أو رأيت مثل الذي» ، فحذف لدلالة «ألم تر» عليه ، لأنّ كلتيهما كلمتا تعجّب ، وهو حسن ، لأنّ الحذف ثابت كثير بخلاف العطف على المعنى.
الثالث : أنّ الكاف زائدة كهي في قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(١) وقول الآخر :
١٠٥٠ ـ فصيّروا مثل كعصف مأكول |
|
............... (٢) |
والتقدير : ألم تر إلى الذي حاجّ ، أو إلى الذي مرّ على قرية. وفيه ضعف لأنّ الأصل عدم الزيادة.
والرابع : أنّ الكاف اسم بمعنى مثل ، لا حرف ، وهو مذهب الأخفش وهو الصحيح من جهة الدليل ، وإن كان جمهور البصريين على خلافه ، فالتقدير : ألم تر إلى الذي حاجّ ، أو إلى مثل الذي مرّ وهو معنى حسن. وللقول باسمية الكاف دلائل مذكورة في كتب القوم ، ذكرنا أحسنها في هذا الكتاب ، منها معادلتها في الفاعلية ب «مثل» في قوله :
١٠٥١ ـ وإنّك لم يفخر عليك كفاخر |
|
ضعيف ولم يغلبك مثل مغلّب (٣) |
ومنها دخول حروف الجر ، والإسناد إليها. وتقدّم الكلام في اشتقاق القرية (٤).
قوله : (وَهِيَ خاوِيَةٌ) هذه الجملة فيها خمسة أوجه :
أحدها أن تكون حالا من فاعل «مرّ» والواو هنا رابطة بين الجملة الحالية وصاحبها ، والإتيان بها واجب لخلوّ الجملة من ضمير يعود إليه.
والثاني : أنها حال من «قرية» : إمّا على جعل «على عروشها» صفة لقرية على أحد الأوجه الآتية في هذا الجارّ ، أو على رأي من يجيز الإتيان بالحال من النكرة مطلقا ، وهو ضعيف عند سيبويه.
الثالث : أنها حال من «عروشها» مقدّمة عليه ، تقديره : مرّ على قرية على عروشها وهي خاوية.
الرابع : أن تكون حالا من «ها» المضاف إليها «عروش» قال أبو البقاء. «والعامل معنى الإضافة وهو ضعيف مع جوازه» انتهى. والذي سهّل مجيء الحال من المضاف إليه كونه بعض المضاف ، لأنّ «العروش» بعض القرية ، فهو قريب من قوله تعالى : (ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً)(٥).
الخامس : أن تكون الجملة صفة لقرية ، وهذا ليس بمرتضى عندهم ، لأنّ الواو لا تدخل بين الصفة والموصوف ، وإن كان الزمخشري قد أجاز ذلك في قوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)(٦) فجعل
__________________
(١) سورة الشورى ، آية (١١).
(٢) تقدم.
(٣) البيت لامرئ القيس انظر ديوانه (٤٤) ، الخزانة (٤ / ٢٦٤) ، الدرر (٢ / ٢٩).
(٤) انظر سورة البقرة ، آية (٥٨).
(٥) سورة الأعراف ، آية (٤٣).
(٦) سورة الحجر ، آية (٤).