٩٩٧ ـ يهدي به أكلف الخدّين مختبر |
|
من الجمال كثير اللّحم عيثوم (١) |
وفلان كلف بكذا : أي مغرى به.
وقوله : (لا تُضَارَّ) ابن كثير وأبو عمرو : «لا تضارّ» برفع الراء مشددة ، وتوجيهها واضح ، لأنه فعل مضارع لم يدخل عليه ناصب ولا جازم فرفع ، وهذه القراءة مناسبة لما قبلها من حيث إنه عطف جملة خبرية على خبرية لفظا نهييّة معنى ، ويدل عليه قراءة الباقين كما سيأتي. وقرأ باقي السبعة بفتح الراء مشددة ، وتوجيهها أنّ «لا» ناهية فهي جازمة ، فسكنت الراء الأخيرة للجزم وقبلها راء ساكنة مدغمة فيها ، فالتقى ساكنان فحرّكنا الثانية لا الأولى ، وإن كان الأصل الإدغام ، وكانت الحركة فتحة وإن كان أصل التقاء الساكنين الكسر لأجل الألف إذ هي أخت الفتحة ، ولذلك لمّا رخّمت العرب «إسحارّ» وهو اسم نبات قالوا : «إسحار» بفتح الراء خفيفة ، لأنهم لمّا حذفوا الراء الأخيرة بقيت الراء الأولى ساكنة والألف قبلها ساكنة فالتقى ساكنان ، والألف لا تقبل الحركة فحرّكوا الثاني وهو الراء ، وكانت الحركة فتحة لأجل الألف قبلها ولم يكسروا وإن كان الأصل ، لما ذكرت لك من مراعاة الألف.
وقرأ الحسن بكسرها مشددة ، على أصل التقاء الساكنين ، ولم يراع الألف ، وقرأ أبو جعفر بسكونها مشددة كأنه أجرى الوصل مجرى الوقف فسكّن ، وروي عنه وعن ابن هرمز بسكونها مخففة ، وتحتمل هذه وجهين :
أحدهما : أن يكون من ضار يضير ، ويكون السكون لإجراء الوصل مجرى الوقف.
والثاني : أن يكون من ضارّ يضارّ بتشديد الراء ، وإنما استثقل تكرير حرف هو مكرر في نفسه فحذف الثاني منهما ، وجمع بين الساكنين ـ أعني الألف والراء ـ إمّا إجراء للوصل مجرى الوقف ، وإمّا لأنّ الألف قائمة مقام الحركة لكونها حرف مدّ.
وزعم الزمخشري «أن أبا جعفر إنما اختلس الضمة فتوهّم الراوي أنه سكّن ، وليس كذلك» انتهى. وقد تقدّم شيء من ذلك عند (يَأْمُرُكُمْ)(٢) ونحوه.
ثم قراءة تسكين الراء تحتمل أن تكون من رفع فتكون كقراءة ابن كثير وأبي عمرو ، وأن تكون من فتح فتكون كقراءة الباقين ، والأول أولى ، إذ التسكين من الضمة أكثر من التسكين من الفتحة لخفتها.
وقرأ ابن عباس بكسر الراء الأولى والفكّ ، وروي عن عمر بن الخطاب : «لا تضارر» بفتح الراء الأولى والفك ، وهذه لغة الحجاز أعني فكّ المثلين فيما سكن ثانيهما للجزم أو للوقف نحو : لم تمرر ، وامرر ، وبنو تميم يدغمون ، والتنزيل جاء باللغتين نحو : (مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ)(٣) في المائدة ، قرئ في السبع بالوجهين وسيأتي بيانه واضحا.
ثم قراءة من شدّد الراء مضمومة أو مفتوحة أو مكسورة أو مسكّنة أو خفّفها تحتمل أن تكون الراء الأولى مفتوحة ، فيكون الفعل مبنيا للمفعول ، وتكون «والدة» مفعولا لم يسمّ فاعله ، وحذف الفاعل للعلم به ، ويؤيده قراءة عمر
__________________
(١) البيت لعلقمة بن عبدة انظر ديوانه (٧٦) ، المفضليات (٤٠٤) ، وهو من شواهد الكتاب (٢ / ٣٢٥).
(٢) سورة البقرة ، آية (٦٧).
(٣) سورة المائدة ، آية (٥٤).