موقعه من النظم لم يحل بطائل ، وكذا لو عرف موقعه من النظم ولم يعرف
باقيها.
فلما رأيت
الأمر كذلك واطلعت على ما ذكره الناس في هذه الفنون ورأيتهم : إما ذاكرا الواضح
البين الذي لم يحتج للتنبيه عليه إلا الأجنبي من الصناعة ، وإما المقتصر على
المشكل بلفظ مختصر ؛ استخرت الله الكريم القوي المتين في جمع أطراف هذه العلوم
أخذا من كل علم بالحظ الوافر ، بحيث إني إذا عرضت قاعدة كلية من قواعد هذه العلوم
أو ضابط لمسألة منتشرة الأطراف ذكرت ذلك محررا له من كتب القوم ولا أذكر إلا ما هو
المختار عند أهل تلك الصناعة ، وإذا ذكرت مذهبا لأحد من أهل العلم فقد يحتمل هذا
الكتاب ذكر دلائله والاعتراضات عليه والجواب عنه فأذكره وقد لا يحتمل فأحيله على
كتب ذلك العلم.
ولم آل جهدا في
استيفاء الكلام على مسائل هذا الكتاب فإني تعرضت للقراءات المشهورة والشاذة وما
ذكر الناس في توجيهها ، ولم أترك وجها غريبا من الإعراب وإن كان واهيا ؛ ومقصودي
بذلك التنبيه على ضعفه حتى لا يغتر به من اطلع عليه. وذكرت كثيرا من المناقشات
الواردة على أبي القاسم الزمخشري وأبي محمد بن عطية ومحب الدين أبي البقاء ، وإن أمكن الجواب عنهم بشيء ذكرته. وكذلك تعرضت لكلام
كثير من المفسرين كالمهدوي ومكي والنحاس دون غيرهم فإنهم أغنى الناس بما قصدته وأغناهم.
وهذا التصنيف
في الحقيقة نتيجة عمري وذخيرة دهري فإنه لب كلام أهل هذه العلوم. وإذا تكررت الآية
الكريمة ـ أو ما يقاربها في تركيبها أو قاعدة كلية أو ضابط قد مر ذكره ـ فلا
أعيدها ، بل إن بعد العهد ذكرت ما ينبهك عليها. وسميته ب «الدر المصون في علوم
الكتاب المكنون» وعلى الله توكلت وإليه أنيب.
الاستعاذة : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
هذا ليس من
القرآن إجماعا وإنما تعرضت له لأنه واجب في أول القراءة أو مندوب. وأصحّ كيفيات
اللفظ به هذا اللفظ المشهور لموافقته قوله تعالى : (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ
مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) ورووا فيه حديثين .
__________________