فتح عينه وتسكينها نحو : نهر وبحر. وهذا فيه نظر بل المنقول أنّ فعلا بسكون العين إذا كانت عينه حلقية لا يجوز فتحها عند البصريين إلا أن يسمع فيقتصر عليه ، ويكون ذلك على لغتين لأنّ إحداهما مأخوذة من الأخرى. وأمّا الكوفيون فبعض هذا عندهم ذو لغتين ، وبعضه أصله السكون ويجوز فتحه قياسا ، أمّا أنّ فعلا المفتوح. العين الحلقيّها يجوز فيه التسكين فيجوز في السّحر : السّحر فهذا لا يجيزه أحد. والرغد : الواسع الهنيء ، قال امرؤ القيس :
٣٧٠ ـ بينما المرء تراه ناعما |
|
يأمن الأحداث في عيش رغد (١) |
ويقال : رغد عيشهم بضم الغين وكسرها وأرغد القوم : صاروا في رغد.
قوله : «حيث شئتما» حيث : ظرف مكان ، والمشهور بناؤها على الضم لشبهها بالحرف في الافتقار إلى جملة ، وكانت حركتها ضمة تشبيها ب «قبل» و «بعد». ونقل الكسائي إعرابها عن فقعس ، وفيها لغات : حيث بتثليث الثاء وحوث بتثليثها أيضا ، ونقل : حاث بالألف ، وهي لازمة الظرفية لا تتصرف ، وقد تجرّ بمن كقوله تعالى : (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ)(٢) (مِنْ حَيْثُ لا) تعلمون (٣) ، وهي لازمة للإضافة إلى جملة مطلقا ، ولا تضاف إلى المفرد إلا نادرا ، قال :
٣٧١ ـ أما ترى حيث سهيل طالعا (٤) |
|
............... |
وقال آخر :
٣٧٢ ـ ونطعنهم تحت الحبى بعد ضربهم |
|
ببيض المواضي حيث ليّ العمائم (٥) |
وقد تزاد عليها «ما» فتجزم فعلين شرطا وجزاء كإن ، ولا يجزم بها دون «ما» خلافا لقوم ، وقد تشرّب معنى التعليل ، وزعم الأخفش أنها تكون ظرف زمان وأنشد :
٣٧٣ ـ للفتى عقل يعيش به |
|
حيث تهدي ساقه قدمه (٦) |
ولا دليل فيه لأنها على بابها.
والعالم فيها هنا «كلا» أي : كلا أيّ مكان شئتما توسعة عليهما. وأجاز أبو البقاء أن تكون بدلا من «الجنّة» ، قال : «لأنّ الجنة مفعول بها ، فيكون «حيث» مفعولا به» وفيه نظر لأنها لا تتصرّف كما تقدّم إلا بالجرّ ب «من».
قوله : «شئتما» : الجملة في محلّ خفض بإضافة الظرف إليها. وهل الكسرة التي على الشين أصل كقولك : جئتما وخفتما ، أو محوّلة من فتحة لتدلّ على ذوات الياء نحو : بعتما؟ قولان مبنيّان على وزن شاء ما هو؟ فمذهب المبرد أنه : فعل بفتح العين ، ومذهب سيبويه فعل بكسرها ولا يخفى تصريفهما.
__________________
(١) البيت ليس في ديوانه ، وهو من شواهد البحر (١ / ١٥٥).
(٢) سورة البقرة ، آية (٢٢٢).
(٣) سورة الأعراف ، آية (١٨٢).
(٤) البيت في شرح المفصل لابن يعيش (٤ / ٩٠) ، الشذور (١٢٩) ، الخزانة (٣ / ١٥٥) ، الدرر (١ / ١٨٠).
(٥) البيت انظر شرح المفصل لابن يعيش (٤ / ٩٠) ، أمالي ابن الشجري (١ / ١٣٦) ، الهمع (١ / ٢١٢) ، الدرر (١ / ١٨٠).
(٦) البيت لطرفة بن العبد انظر ديوانه (٧٣) ، أمالي الشجري (٢ / ١٦٢) ، مجالس ثعلب (١ / ١٩٧) ، شرح المفصل لابن يعيش (١٠ / ٩٢) ، الدرر (١ / ١٨١).