تكليفا بتحصيل النصاب ، وإيجاب الحج ليس إيجابا لتحصيل الاستطاعة. إنّما الخلاف في مقدمة الواجب المطلق بشرط أن يكون مقدورا للمكلف فانّه إذا لم يكن مقدورا للمكلّف لم يكن التكليف بذي المقدمة تكليفا بها ، وهذا القيد لا يحتاج إليه إذا كان المراد بالواجب المطلق بالنسبة إلى الشيء ما لم يكن وجوبه مقيدا بذلك الشيء بحسب اللفظ ، إذ لو اريد بحسب الحقيقة لم يكن الواجب بالنسبة إلى مقدمة غير مقدورة واجبا مطلقا فلا يحتاج إلى التقييد.
ثمّ إنّ قدماء الاصوليين أطلقوا القول بأنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب ، ولم يفصلوا بين القسمين ، والمتأخرين لم يرتضوا هذا الإطلاق وفصلوا كما ذكرنا ، ولعل هذا الإطلاق من القدماء مع انّه ليس إيجاب الواجب المشروط إيجابا لمقدمته عندهم أيضا ، مبنيّ على أن إطلاق الواجب عليه قبل تحقق الشرط مجاز خصوصا على رأي المعتزلة حيث زعموا أن الشرط إذا لم يتحقق لم يكن هناك وجوب تنجيزي ولا تعليقي.
ثمّ اعلم أن الخلاف وقع في وجوب مقدمة الواجب المطلق ، بمعنى أنّ التكليف بها هل يستفاد من التكليف بذي المقدمة أم لا؟ وليس الخلاف في وجوب المقدمة بمعنى لابدية فعلها بل بمعنى ترتب استحقاق الذم على تركها عند أصحابنا والمعتزلة ودخوله في مدلول الخطاب الشرعي عند الأشاعرة لا بمعنى تعلّق الخطاب بها أصالة وقصدا ، بل بمعنى تعلّقه بها تبعا والتزاما كتعلق الخطاب بالتابع في دلالة الإشارة.
والحق عندي وجوب المقدمة مطلقا سواء كانت سببا كالصعود للكون على السطح ، أو شرطا عقليا كنصب السلّم له ، أو عاديا كإدخال جزء من الرأس لغسل الوجه ، أو شرعيا كالوضوء للصلاة بمعنى ترتب استحقاق الذم على تركها ، أو