فإنّ المأمور به هو الصلاة بعد الطهارة ، كالصلاة بعد الوقت ، وإن لم تكن الطهارة موصوفة بالوجوب شرعا ، غاية ما في الباب أنه لا بدّ منها في صحة الفعل شرعا ، كما أنّ الشرط العقلي لا بدّ منه في تحقّق الفعل عقلا ، وان كان المنع هناك أظهر.
ومنشأ الفرق بينه وبين العقلي أمران :
أحدهما : أنّ لابدّية هذا شرعية ، ولابدية ذاك عقلية. وقد عرفت انّ هذا لا يصحّح الفرق. فإنّ اللابدية الشرعية غير الوجوب ، بناء على التحقيق من مغايرة الحكم الوضعي للشرعي.
وثانيهما : أنّ الشرط الشرعي لا ينفك غالبا عن صريح الوجوب من الشرع فظن أن استفادة وجوبه من الخطاب بالمشروط ومما يوضح عدم الفرق أن القدر المعقول من الشرطية في شرط الواجب والمندوب ، كالطهارة في النافلة ، أمر واحد وهو لابديته في صحة الفعل.
فالشرطية من حيث هي لا يستلزم الخطاب بالوجوب ، والخطاب المشروط بها لا الخطاب المشروط بالعقلية.
وأمّا تقدير (١) الكلام على الوجه الثاني فنقول : إنّ قدماء الاصوليين لما أطلقوا وجوب ما لا يتم الواجب إلّا به ، وفهم جماعة منهم السيد المرتضى (رضي الله عنه) والإمام الرازي في بعض مختصراته كما أشرنا إليه ، وربما ظهر من كلام أبي الحسين البصري ، وكلام النهاية ـ كما أشرنا إليه ـ لا يخلو أيضا من دلالة عليه : أنّ
__________________
(١) تقرير.