خلاف المفروض (١).
فإن قلت : إذا فرضنا اختلاف الشيئين في عارض معين كالسواد مثلا فلا يكون ذلك إلّا بأن يقوم بأحدهما سواد أشدّ وبالآخر سواد أضعف (٢).
فنقول ان كان التفاوت بين السوادين في نفس ماهيّة السواد أو أجزائها لزم التشكيك في الماهيّة أو الذاتي ، وان كان في أمر آخر عارض لهما لم يكن التفاوت بين الشيئين في السواد بل فيما يعرضه وهو خلاف المفروض.
على انا ننقل الكلام إلى ذلك العارض وهكذا. وأيضا السوادان امّا أن يتحدا في الماهيّة أو يختلفا فيها ، وعلى الأول لا يكون التفاوت بينهما من حيث الذات كما قررتم والتفاوت في عارضهما خلاف المفروض ، وعلى الثاني لا يعقل كون احدهما أشدّ من الآخر ، ضرورة انّ الماهيات المتباينة يقاس بعضها إلى بعض بالشدّة والضعف مثلا لا يعقل كون الحرارة (الحركة) أشدّ من السواد.
قلت : الفردان المختلفان بالشدّة والضعف مشتركان في الماهيّة الجنسية (الحقيقية) مختلفان بالفصل المنوع عندهم. فانّ الشدّة والضعف مستندان إلى منوعهما والمقول بالتشكيك هو المفهوم المشتق من الجنس بالقياس إلى معروضهما كالأسود مثلا بالقياس إلى الجسمين وذلك مفهوم واحد.
أقول : ومعنى كون أحد الفردين أشدّ كونه بحيث ينتزع منه العقل بمعونة الوهم أمثال الأضعف ويحلّله إليها بضرب من التحليل حتى انّ الأوهام العامية (العامّة) يذهب إلى انّ السواد القوي يتألّف من أمثال السواد الضعيف ومعنى
__________________
(١) لأنه انّما يلزم ان لو كان الترديد في الذاتي وأمّا إذا كان في العارض فلا. منه.
(٢) حاصل السؤال انّه يلزم على هذا التقدير أيضا اما التشكيك في الذاتيات أو خلاف المفروض. منه.