أين السراية؟ بل لو قطع النّظر عن ذلك أيضا نقول : إنّه إذا لم يتحقق قبح شيء على تقدير يكون قبحه مشروطا بعدم ذلك التقدير البتة فلا يمكن أن يكون قبح ذلك التقدير باعتبار استلزامه القبح وهو ظاهر.
لا يقال : يمكن أن يكون قبح ترك المقدمة باعتبار استلزامه ترك ما هو قبيح على تقدير فعل المقدمة لأنّ البداهة حاكمة بأنّ مثل هذا لا يصير منشأ للقبح ، بل لا بدّ من قبح ثابت في شيء حتى يصير منشأ لقبح آخر ، وما يكون مستلزما لقبيح يكون قبحه على تقدير لا بدّ في قبحه باعتبار ذلك الاستلزام من وقوع ذلك التقدير ولا يكفي صدق الشرطيّة وكلا الأمرين منتفيان فيما نحن فيه ، على انّه لو كان هذا منشأ للقبح لكان ترك مقدمة الواجب المشروط أيضا قبيحا لتحقّق هذا المعنى بالنسبة إليه ، إلّا أن يتكلف ويزاد قيد آخر ، وهو أن يكون فعل المقدمة لازما ومع ذلك أيضا لا ثمرة له عند التحقيق ، لأنّ لزوم الشيء إمّا باعتبار قبح تركه أو ما يلزم تركه ، ولا جائز أن يكون اللزوم فيما نحن فيه بالاعتبار الأوّل وإلّا لدار ، ولا بالاعتبار الثاني ، إذ قد علمت انّ قبح ما يلزم تركه أعني ترك ذي المقدمّة ليس قبيحا مطلقا ، بل إنّما هو على تقدير فعل المقدمة فيصير منشأ لزوم المقدمة حينئذ قبيح ما يلزم تركها على تقدير فعلها وهذا ليس بكاف في منشئية اللّزوم بديهة ، لأنّه لو كفى هذا للزم الفساد المذكور من وجوب مقدمته الواجب المشروط لتحقق هذا الأمر بالنسبة إليها ولم ينفع التقييد المذكور في الفرق.
ومن هاهنا ظهر وجه آخر لبطلان بعض الأدلّة المتقدمة المنقولة عن الرسالة المذكورة.
لا يقال : المقدمة القائلة بأنّ ما يكون مستلزما لقبيح على تقدير لا بدّ في قبحه من وقوع ذلك التقدير ليست مقدمة على إطلاقها ، بل ذلك انّما هو فيما عدا