وقل مثل ذلك وأكثر من ذلك في خاتم الأنبياء سيدنا ومولانا محمد صلىاللهعليهوسلم وما جاء به من آيات بينات ، ومعجزات واضحات! وحسبك القرآن وحده برهانا ساطعا بل براهين ساطعات : كل مقدار ثلاث آيات منه حجة قاطعة تقوم في فم الدنيا إلى يوم الساعة. تتحدّى العالم بما يكون فيها من أسرار الفصاحة والبيان ، والعلوم والمعارف ، وأنباء الغيب وشواهد الحق.
أضف إلى ذلك أن الذين شوفهوا بخطابه عند مهبط الوحى كانوا أئمة الفصاحة ، وفرسان البلاغة ، بضاعتهم الكلام والتفنّن في إجادته. وصناعتهم التنافس في النثر وديباجته ، والشعر ورونقه. وكرامتهم مرتبطة بما يجيدون في هذا الباب ، لا بما يجمعون من الذهب أو يحملون من ألقاب. حتى بلغوا في هذا الميدان شأوا لا يبارى ، وغاية لا تدرك. وما يكون لنا أن نطلق العنان هنا للقلم. وإلا ضاق بنا التأليف والزمن. وأنت خبير بإعجاز القرآن ، وما كتب في إعجاز القرآن. فاكتف بهذه الإشارة الخاطفة. وإن أردت المزيد فعليك بما كتب في إعجاز القرآن.
د ـ دفع الشبهات
ولكنى أعالج بين يديك لهذه المناسبة شبهات عشرا يردّدها كثير من المفتونين.
«الشبهة الأولى» يقولون : إن المعجزات شأنها شأن كثير من المخترعات. فإذا كان فيها طرافة أو دهشة أو عجب ، فكذلك آثار العلم ومدهشاته فيما نرى ونسمع.
والجواب : تعرفه مما ذكرناه آنفا في بحث المعجزة. مما يتبين به الفرق بعيدا والبون شاسعا بين المعجزة وما جدّ أو يجدّ في العالم من عجائب العلم ، وروائع الفن ، وبدائع الاختراع. فالمعجزة ليست لها أسباب معروفة حتى تلتمس ويؤتى بمثلها. أما هذه المخترعات فإن لها أسبابا معروفة عند أصحابها ، ويمكن معرفتها لمن لم يعرفها بيسر وسهولة متى التمسها من طريقها.
«الشبهة الثانية» يقولون : إن المعجزة كالسحر والشعوذة وما إليهما : إن هى إلا تخييلات وتضليلات.