لأن تلك الأبحاث الكونية والأدبية ، قد تكون ضرورية ومفيدة أيما فائدة إذا شرح بها القرآن في عصر من عصور الثقافة ، أو لجمهور من المفتونين بالمادة وعلوم الكون ، أو لطائفة من المتأدبين المشغوفين بفنون البلاغة في القول. بينما تكون هذه الأبحاث نفسها نكبة وفتنة ، إذا شرح بها القرآن في عصر من عصور الجهالة ، أو لفئة أخرى من فئات الناس. «وما من أحد يخاطب قوما بغير ما تسعه عقولهم إلا كان فتنة عليهم».
(٣) أن تذكر تلك الأبحاث على وجه يدفع المسلمين إلى النهضة ، ويلفتهم إلى جلال القرآن ، ويحرّكهم إلى الانتفاع بقوى هذا الكون العظيم الذى سخره الله لنا ، انتفاعا يعيد لأمة الإسلام نهضتها ومجدها.
وهاك نموذجا على سبيل التمثيل ، وإن أسرف في هذا السبيل ، إسرافا أنساه نفس التفسير والتأويل.
قال العلامة المرحوم الشيخ طنطاوى جوهرى في كتابه «القرآن والعلوم العصرية» ما نصه :
قال الله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ. وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ. وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ. وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ. وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها. إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) عبر الله تعالى بكاف الخطاب ست مرات ، فجعل الماء لنا ، وتسخير الشمس والقمر لنا ، وتسخير الليل والنهار لنا. وقد آتانا من كل ما سألناه في ضمائرنا ، وما تمنته نفوسنا.
فهل هذا الخطاب استثنى منه المسلمون؟ فهل جعل الله الثمرات في الأرض خاصة بغير المسلمين؟ أم الخطاب عام؟. وهل الفلك التى تجرى في البحر ما بين آسيا وافريقية وأوربة فى المحيط الهندى والهادى والبحر الأحمر وبحر الظلمات بين أوربة وأمريكا. هل هذه