«لكل آية ظهر وبطن ، ولكل حرف حد ولكل حد مطلع» قلت : أما الظهر والبطن ففي معناه أوجه :
(أحدها) أنك إذا بحثت عن باطنها ، وقسته على ظاهرها ، وقفت على معناها.
(الثانى) أنه ما من آية إلا عمل بها قوم ، ولها قوم سيعلمون بها ، كما قال ابن مسعود (الثالث) أن ظاهرها لفظها ، وباطنها تأويلها.
(الرابع) قال أبو عبيدة : ـ وهو أشبهها بالصواب ـ إن القصص التى قصها الله تعالى عن الأمم الماضية وما عاقبهم به ، ظاهرها الإخبار بهلاك الأولين وحديث حدث به عن قوم ، وباطنها وعظ الآخرين وتحذيرهم أن يفعلوا كفعلهم ، فيحلّ بهم مثل ما حلّ بهم.
وحكى ابن النقيب (قولا خامسا) : أن ظهرها ما ظهر من معانيها لأمل العلم بالظاهر ، وبطنها ما تضمنته من الأسرار التى أطلع الله عليها أرباب الحقائق.
ومعنى قوله (ولكل حرف حد) أى منتهى فيما أراد الله من معناه. وقيل لكل حكم مقدار من الثواب والعقاب.
ومعنى قوله : (ولكل حد مطلع) لكل غاية من المعانى والأحكام مطلع يتوصل به إلى معرفته ، ويوقف على المراد به. وقيل : كل ما يستحق من الثواب والعقاب يطلع عليه في الآخرة عند المجازاة. وقال بعضهم : الظاهر التلاوة والباطن الفهم والحد أحكام الحلال والحرام ، والمطلع الإشراف على الوعد والوعيد. قلت : يؤيد هذا ما أخرجه ابن أبى حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال : إن القرآن ذو شجون وفنون ، وظهور وبطون لا تنقضى عجائبه ، ولا تبلغ غايته ، فمن أوغل فيه يرفق نجا ، ومن أوغل فيه بعنف هوى ، أخبار وأمثال. وحلال وحرام ، وناسخ ومنسوخ ، ومحكم ومتشابه. وظهر وبطن : فظهره التلاوة ، وبطنه التأويل