زنادقة اليهود والفرس ومسلمة أهل الكتاب. قال بعضهم : وجلّ ذلك في قصص الرسل مع أقوامهم ، وما يتعلق بكتبهم ومعجزاتهم ، وفي تاريخ غيرهم كأصحاب الكهف ، ومدينة إرم ذات العماد ، وسحر بابل ، وعوج بن عنق ، وفي أمور الغيب من أشراط الساعة وقيامتها وما يكون فيها وبعدها. وجلّ ذلك خرافات ومفتريات ، صدّقهم فيها الرواة حتى بعض الصحابة رضى الله عنهم. ولذلك قال الإمام أحمد : «ثلاثة ليس لها أصل : التفسير ، والملاحم ، والمغازى» (١) وكان الواجب جمع الروايات المفيدة في كتب مستقلة ، كبعض كتب الحديث ، وبيان قيمة أسانيدها ، ثم يذكر في التفسير ما يصح منها بدون سند ، كما يذكر الحديث في كتب الفقه ، لكن يعزى إلى مخرجه ا ه ما أردنا نقله.
د ـ المفسرون من الصحابة
قال السيوطى في الإتقان : «اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة : الخلفاء الأربعة ، وابن مسعود ، وابن عباس. وأبىّ بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو موسى الأشعرى ، وعبد الله بن الزبير. أما الخلفاء فأكثر من روى عنه منهم ، علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه. والرواية عن الثلاثة قليلة جدا. وكأن السبب في ذلك تقدّم وفاتهم» ا ه.
ومعنى هذا السبب في إقلال الثلاثة : أبى بكر وعمر وعثمان من التفسير ، أنهم كانوا في وسط أغلب أهله علماء بكتاب الله ، واقفون على أسرار التنزيل ، عارفون بمعانيه وأحكامه ؛ مكتملة فيهم خصائص العروبة. أما الإمام علىّ رضى الله عنه ، فقد عاش بعدهم حتى كثرت حاجة الناس في زمانه إلى من يفسر لهم القرآن ، وذلك من اتساع رقعة الإسلام ، ودخول عجم في هذا الدين الجديد كادت تذوب بهم خصائص العروبة ، ونشأة جيل من
__________________
(١) لعل مراد الإمام أحمد المبالغة تنبيها للأذهان إلى أن الصحيح قليل بالنسبة إلى غير الصحيح. وليس مراده عموم النفى ، فإن هناك روايات في التفسير صحيحة ؛ ولا ريب. وسيأتى ما نقل عن الإمام أحمد نفسه في صحيفة التفسير التى رواها علىّ بن أبى طلحة عن ابن عباس.