أما التأويل في اصطلاح المفسرين (١) فإنه يختلف معناه. فبعضهم يرى أنه مرادف للتفسير. وعلى هذا فالنسبة بينهما التساوى. ويشيع هذا المعنى عند المتقدمين. ومنه قول مجاهد : «إن العلماء يعلمون تأويله (يعنى القرآن) وقول ابن جرير في تفسيره : القول فى تأويل قوله تعالى كذا ... واختلف أهل التأويل في هذه الآية ...»
وبعضهم يرى أن التفسير يخالف التأويل بالعموم والخصوص فقط ، ويجعل التفسير أعم مطلقا. وكأنه يريد من التأويل بيان مدلول اللفظ بغير المتبادر منه لدليل. ويريد من التفسير بيان مدلول اللفظ مطلقا ، أعم من أن يكون بالمتبادر أو بغير المتبادر.
وبغضهم يرى أن التفسير مباين للتأويل. فالتفسير هو القطع بأن مراد الله كذا ، والتأويل ترجيح أحد المحتملات بدون قطع. وهذا هو قول الماتريدى. أو التفسير بيان اللفظ عن طريق الرواية ، والتأويل بيان اللفظ عن طريق الدراية. أو التفسير هو بيان المعانى التى تستفاد من وضع العبارة ، والتأويل هو بيان المعانى التى تستفاد بطريق الإشارة. وقد اشتهر هذا عند المتأخرين كما نبّه إليه العلامة الألوسي إذ قال بعد استعراضه للآراء في هذا الموضوع ما نصه : كل ما قيل مما ذكرنا وما لم نذكر مخالف للعرف اليوم. إذ قد تعورف عند المؤلفين من غير نكير أن التأويل معان قدسية ، ومعارف ربانية ، تسهّل من سحب الغيب على قلوب العارفين. والتفسير غير ذلك» ا ه بتصرف. فأنت ترى أنه جعل التأويل خاصّا بما كان مأخوذا بالإشارة ، والتفسير بما كان مفهوما من العبارة.
__________________
(١) وإنما قلنا في اصطلاح المفسرين ليخرج اصطلاح المتكلمين ومن جاراهم ، فإنهم يريدون من التأويل ما ذهب إليه الخلف من صرف نصوص ما تشابه من الكتاب والسنة عن ظاهره إلى معان تتّفق وتنزيه الله تعالى عن المشابهة والمماثلة. بخلاف ما ذهب إليه السلف من التفويض والإمساك عن تعيين معنى خاص.