بالسنّة النبوية ، فإنها غير متواترة ، ومع ذلك تتوافر الدواعى على نقلها ، فإنها أصل الأحكام ، كما أن القرآن أصل الأحكام.
ونجيب (أولا) بأن توافر الدواعى على نقل القرآن متواترا ، لم يجيء من ناحية أصالة الأحكام فحسب. بل جاء منها ومن نواحى الإعجاز والتحدى والتعبد بتلاته والتبرك به فى كل عصر وقراءته في الصلاة ونحو ذلك.
والسنة النبوية لا يجتمع فيها كل هذا. بل يوجد فيها بعضه فقط. وذلك لا يكفى في توافر الدواعى على نقلها متواترة.
(ثانيا) أن المراد بأصالة الأحكام الفرد الكامل الذى لا يوجد إلا في القرآن. ذلك لأن أصالة الأحكام فيه ترجع إلى اللفظ والمعنى جميعا. أما المعنى فواضح. وأما اللفظ فمن ناحية الحكم بإعجازه ، وبثواب من قرأه. وبالوعود الكريمة والعطايا العظيمة لمن حفظه ، وبالوعيد الشديد لمن نسيه بعد حفظه ولمن مسه أو قرأه جنبا ، إلى غير ذلك. والسنة النبوية ليس للفظها شىء من هذه الأحكام. ولهذا تجوز روايتها بالمعنى. أما معناها فإن كان مما تتوافر الدواعى على نقله وجب تواتره وإلا فلا. ولهذا يقطع بكذب نقل الروافض ما نسبوه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أنه نص على أن الإمامة العظمى من بعده ، محصورة في علىّ وولده. رضى الله عنهم. بيان ذلك أنه لو صحّ ما زعموه لنقل متواترا ، فإنه مما تتوافر الدواعى على نقله ، لتعلقه بأمر يتصل بمستقبل الحكم الأعلى والولاية العظمى فى الإسلام لجميع بلاد الإسلام.
الشبهة الخامسة :
يقولون : إن تواتر القرآن منقوض بأن ابن مسعود وهو من أجلاء الصحابة لم يوافق على مصحف عثمان بدليل الروايات الآتية وهى :