ونجيب (أولا) بما أجاب به أبو حيان إذ يقول ما نصه : إن من روى عن ابن عباس أنه قال ذلك. فهو طاعن في الإسلام ملحد في الدين ، وابن عباس برىء من ذلك القول ا ه.
(ثانيا) بما أخرجه ابن أبى حاتم وابن الأنبارى في المصاحف وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس أنه فسّر «تستأنسوا» فقال : أى تستأذنوا من يملك الإذن من من أصحابها يعنى أصحاب البيوت.
(ثالثا) أن القراء لم يرووا غير قراءة «تستأنسوا» فلو كان ذاك النقل صحيحا عن ابن عباس لنقلوا عنه أنه قرأ «تستأذنوا».
(رابعا) إذا سلمنا للحاكم أن هذا الخبر صحيح عن ابن عباس ، فإننا نرده برغم دعوى هذه الصحة ، لأنه معارض للقاطع المتواتر وهو قراءة «تستأنسوا» والقاعدة أن معارض القاطع ساقط ، وأن الرواية متى خالفت رسم المصحف فهى شاذّة لا يلتفت إليها ولا يعوّل عليها.
الشبهة الرابعة :
يقولون : ألا يكفى في الطعن على جمع القرآن ورسمه ، ما روى عن ابن عباس أيضا أنه قرأ : «أفلم يتبيّن الّذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى النّاس جميعا». فقيل له :
إنها في المصحف «أفلم ييأس الّذين آمنوا» فقال : أظن الكاتب كتبها وهو ناعس.
ونجيب : بأنه لم يصح ذلك عن ابن عباس. قال أبو حيان : بل هو قول ملحد زنديق. وقال الزمخشرى : ونحن ممن لا يصدق هذا في كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وكيف يخفى هذا؟ حتى يبقى ثابتا بين دفتى الإمام (أى المصحف الإمام) وهو مصحف عثمان ، وكان متقلبا بين أيدى أولئك الأعلام ، المحتاطين