عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) والسورة تصدق بأقصر سورة كما تصدق بأطول سورة. وأقصر سورة في القرآن هى سورة الكوثر ، وهى ثلاث آيات قصار. فثبت أن كل ثلاث آيات قصار معجزة ، وفي قوّتها الآية الواحدة الطويلة التى تكافئها.
(الفائدة الثانية) : حسن الوقف على رءوس الآى عند من يرى أن الوقف على الفواصل سنّة ، بناء على ظاهر الحديث الذى استدلوا به فيما يرويه أبو داود عن أم سلمة رضى الله عنها أن النبى صلىاللهعليهوسلم كان إذا قرأ قطّع قراءته آية آية ، يقول (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ثم يقف. (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ثم يقف. (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ثم يقف.
قال صاحب التبيان في موضع آخر. ما نصه : (قال بعض العلماء : وفي الاستدلال به ـ أى بذلك الحديث ـ على ما ذكر نظر ، وذلك لأنه حديث غريب غير متّصل الإسناد. رواه يحيى بن سعيد الأموى وغيره عن ابن جريج عن ابن أبى مليكة عن أم سلمة. والأصحّ ما رواه الليث عن ابن أبى مليكة عن يعلى بن مالك أنه سأل أمّ سلمة عن قراءة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصلاته فقالت : ما لكم وصلاته؟ ثم نعتت قراءته مفسّرة حرفا حرفا. ذكر ذلك الترمذى) ا ه.
أقول : ويمكن الجمع بين هذين الحديثين بأن النبى صلىاللهعليهوسلم كان تارة يقف على كل فاصلة ولو لم يتم المعنى ، بيانا لرءوس الآى. وكان تارة يتبع في الوقف تمام المعنى فلا يلتزم أن يقف على رءوس الآى ، لتكون قراءته مفسرة حرفا حرفا. وعلى هذا يمكن أن يقال : حيثما كان الناس في حاجة إلى بيان الآيات حسن الوقف على رءوس الآى ، ولو لم يتم المعنى ، وحيثما كان الناس في غنى عن معرفة رءوس الآى لم يحسن الوقف إلا حيث يتم المعنى.