العامل الثامن
تعويدهم الصدق وترويضهم عليه عملا ، كما أرشدوا إليه وأدبوا به فيما سمعت علما. وأنت خبير بأن التربية غير التعليم ، وأن العلم غير العمل ، وأن نجاح الفرد والأمة مرهون بمقدار ما ينهلان من رحيق التربية ، وما يقطفان من ثمرات الرياضة النفسية والقوانين الخلقية.
أما العلم وحده فقد يكون سلاح شقاء ونذير فناء ؛ كما نرى ونسمع ، ويا لهول ما نرى وما نسمع!!.
ولقد أدرك الإسلام هذه الناحية الجليلة في بناء الأمم ، فأعارها كل اهتمام وعنى بالتّنفيذ والعمل أكثر مما عنى بالعلم والكلام. ولعلك لم تنس
أنه صلىاللهعليهوسلم قال لمن يدرسون العلم في مسجد قباء تلك النصيحة الذهبية الحكيمة «تعلّموا ما شئتم أن تعلّموا ، فلن يأجركم الله حتى تعملوا»!.
ولعلك لم تنس أيضا أن الإسلام شرع عقوبة من أشنع العقوبات ، لمن اقترف نوعا من الكذب وهو نوع الخوض في الأعراض ، تلك العقوبة هى حدّ القذف الذى يقول الحق جل شأنه فيه من سورة النور : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ).
فتأمل كيف عاقب هذا القاذف الكاذب بالجلد ثمانين ، وردّ شهادته وحكم بأنه من الفاسقين ، بل قال : (وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أى لا فاسق سواهم ولا خارج عن حدود الدين والأدب إلا هم!
ثم شنّف مسمعيك بما يرويه أبو داود في سننه من أن عبد الله بن عامر قال :