ما يدلك على أن قلوب
أكابر العلماء كانت أناجيل لعلوم القرآن من قبل أن تجمع في كتاب ، أو تدوّن في
علم. وقد نوّه جلال الدين البلقينى في خطبة كتابه بكلمة الشافعى التى ذكرناها إذ
قال : «قد اشتهر عن الإمام الشافعى رضى الله عنه مخاطبة لبعض خلفاء بنى العباس ،
فيها ذكر بعض أنواع علوم القرآن يحصل منها لمقصدنا الاقتباس».
ونحن لا نستبعد على الشافعى هذا ، فقد
كان آية من آيات الله في علمه وذكائه ، وفي ابتكاره وتجديده ، وفي قوة حجته
وتوفيقه. حتى إنه وضع كتابه (الحجة) فى العراق يستدرك به على مذاهب بعض أهل الرأى
، وألف في مصر كتبا يستدرك بها على مذاهب بعض أهل الحديث. ثم وضع دستورا للاجتهاد
والاستنباط لم يتسنّ لأحد قبله ، إذ كان أول من صنف في أصول الفقه وهو من علوم
القرآن كما علمت. قال ابن خلدون في مقدمته «كان أول من كتب فيه ـ أى علم أصول
الفقه ـ الشافعى رضى الله عنه ، أملى فيه رسالته المشهورة ، تكلم فيها على الأوامر
والنواهى ، والبيان ، والخبر ، والنسخ ، وحكم العلة المنصوصة من القياس» ا ه.
وقال الزركشى في كتابه البحر المحيط في
أصول الفقه «الشافعى أول من صنف في أصول الفقه. صنف فيه كتابه الرسالة ، وكتاب
أحكام القرآن ، واختلاف الحديث ، وإبطال الاستحسان ، وكتاب جماع العلم ، وكتاب
القياس الذى ذكر فيه تضليل المعتزلة ورجوعه عن قبول رسالتهم» ا ه رضى الله عنه وعن
سائر الأئمة المجتهدين.
أول عهد لظهور هذا
الاصطلاح
ولقد كان المعروف لدى الكاتبين في تاريخ
هذا الفن ، أن أول عهد ظهر فيه هذا الاصلاح أى اصلاح علوم القرآن ، هو القرن
السابع.
لكنى ظفرت في دار الكتب المصرية بكتاب
لعلىّ بن إبراهيم بن سعيد الشهير