(٣) وترتيب السور والآيات على الوجه المعروف الآن. بخلاف صحف أبى بكر رضى الله عنه فقد كانت مرتبة الآيات دون السور.
(٤) وكتابتها بطريقة كانت تجمع وجوه القراءات المختلفة والأحرف التى نزل عليها القرآن ، على ما مرّ بك من عدم إعجامها وشكلها ، ومن توزيع وجوه القراءات على المصاحف إذا لم يحتملها الرسم الواحد.
(٥) وتجريدها من كل ما ليس قرآنا كالذى كان يكتبه بعض الصحابة في مصاحفهم الخاصة شرحا لمعنى ، أو بيانا لناسخ ومنسوخ ، أو نحو ذلك.
وقد استجاب الصحابة لعثمان ، فحرقوا مصاحفهم ، واجتمعوا جميعا على المصاحف العثمانية. حتى عبد الله بن مسعود الذى نقل عنه أنه أنكر أولا مصاحف عثمان ، وأنه أبى أن يحرق مصحفه ، رجع وعاد إلى حظيرة الجماعة ، حين ظهر له مزايا تلك المصاحف العثمانية ، واجتماع الأمة عليها ، وتوحيد الكلمة بها.
وبعدئذ طهر الجوّ الإسلامى من أوبئة الشقاق والنزاع ، وأصبح مصحف ابن مسعود ، ومصحف أبى بن كعب ، ومصحف عائشة ، ومصحف على ، ومصحف سالم مولى أبى حذيفة.
أصبحت كلها وأمثالها في خبر كان ، مغسولة بالماء أو محروقة بالنيران. (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً).
ورضى الله عن عثمان ، فقد أرضى بذلك العمل الجليل ربه ، وحافظ على القرآن ، وجمع كلمة الأمة ، وأغلق باب الفتنة ، ولا يبرح المسلمون يقطفون من ثمار صنيعه هذا إلى اليوم وما بعد اليوم.
ولن يقدح في عمله هذا أنه أحرق المصاحف والصحف المخالفة للمصاحف العثمانية ، فقد علمت وجهة نظره في ذلك. على أنه لم يفعل ما فعل من هذا الأمر الجلل ، إلا بعد أن استشار الصحابة ، واكتسب موافقتهم ، بل وظفر بمعاونتهم وتأييدهم وشكرهم.