والمشاهدات ، ثم
قادهم من وراء ذلك قيادة راشدة حكيمة ، إلى الاعتراف بتوحيد الله فى ألوهيته
وربوبيته ، والإيمان بالبعث ومسئوليته ، والجزاء العادل ودقّته ، ثم التسليم
بالوحى وبكل ما جاء به الوحى من هدى الله في الإلهيات والنبوّات والسمعيات في
العقائد على سواء.
(ثالثا) أنه تحدّث عن عادتهم القبيحة ،
كالقتل ، وسفك الدماء ، ووأد البنات ، واستباحة الأعراض ، وأكل مال الأيتام. فلفت
أنظارهم إلى ما في ذلك من أخطار ، وما زال بهم حتى طهّرهم منها ، ونجح في إبعادهم
عنها.
(رابعا) أنه شرح لهم أصول الأخلاق ،
وحقوق الاجتماع ، شرحا عجيبا كرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان ، وفوضى الجهل ،
وجفاء الطبع ، وقذارة القلب وخشونة اللفظ. وحبّب إليهم الإيمان ، والطاعة ،
والنظام ، والعلم ، والمحبة ، والرحمة ، والإخلاص ، واحترام الغير ، وبرّ الوالدين
، وإكرام الجار ، وطهارة القلوب ، ونظافة الألسنة ، إلى غير ذلك.
(خامسا) أنه قصّ عليهم من أنباء الرسل
وأممهم السابقة ، ما فيه أبلغ المواعظ وأنفع العبر ، من تقرير سننه تعالى الكونية
في إهلاك أهل الكفر والطغيان ، وانتصار أهل الإيمان والإحسان ، مهما طالت الأيام
وامتدّ الزمان ، ما داموا قائمين بنصرة الحق وتأييد الإيمان.
(سادسا) أنه سلك مع أهل مكة سبيل
الإيجاز في خطابه ، حتى جاءت السور المكية قصيرة الآيات ، صغيرة السّور. لأنهم
كانوا أهل فصاحة ولسن ، صناعتهم الكلام ، وهمتهم البيان ؛ فيناسبهم الإيجاز
والإقلال دون الإسهاب والإطناب.
كما أن قانون الحكمة العالية ، قضى بأن
يسلك سبيل التدرّج والارتقاء في تربية الأفراد ، وأن يقدّم الأهم على المهمّ ولا
ريب أن العقائد والأخلاق والعادات ،